ياسر ووحشيا قاتل حمزة بهدمه وتحريقه ، فهدم وحرق بنار في سعف ، واتخذ كناسة ترمى فيها الجيف والقمامة. وقال ابن جريج : صلوا فيه الجمعة والسبت والأحد وانهار يوم الاثنين ولم يحرق.
وقرأ أهل المدينة : نافع ، وأبو جعفر ، وشيبة ، وغيرهم ، وابن عامر : الذين بغير واو ، كذا هي في مصاحف المدينة والشام ، فاحتمل أن يكون بدلا من قوله : وآخرون مرجون ، وأن يكون خبر ابتداء تقديره : هم الذين ، وأن يكون مبتدأ. وقال الكسائي : الخبر لا تقم فيه أبدا. قال ابن عطية : ويتجه بإضمار إما في أول الآية ، وإما في آخرها بتقدير لا تقم في مسجدهم. وقال النحاس والحوفي : الخبر لا يزال بنيانهم. وقال المهدوي : الخبر محذوف تقديره معذبون أو نحوه.
وقرأ جمهور القراء : والذين بالواو عطفا على وآخرون أي : ومنهم الذين اتخذوا ، ويجوز أن يكون مبتدأ خبره كخبر بغير الواو إذا أعرب مبتدأ. وقال الزمخشري : (فإن قلت) : والذين اتخذوا ما محله من الإعراب؟ (قلت) : محله النصب على الاختصاص كقوله تعالى : (وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ) (١) وقيل : هو مبتدأ وخبره محذوف ، معناه فيمن وصفنا الذين اتخذوا كقوله تعالى : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ) (٢) وانتصب ضرارا على أنه مفعول من أجله أي : مضارة لإخوانهم أصحاب مسجد قباء ، ومعازّة وكفرا وتقوية للنفاق ، وتفريقا بين المؤمنين ، لأنهم كانوا يصلون مجتمعين في مسجد قباء فيغتص بهم ، فأرادوا أن يفترقوا عنه وتختلف كلمتهم ، إذ كان من يجاوز مسجدهم يصرفونه إليه ، وذلك داعية إلى صرفه عن الإيمان. ويجوز أن ينتصب على أنه مصدر في موضع الحال. وأجاز أبو البقاء أن يكون مفعولا ثانيا لا تخذوا ، وإرصادا أي : إعدادا لأجل من حارب الله ورسوله وهو أبو عامر الراهب أعدوه له ليصلي فيه ، ويظهر على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وكان قد تعبد في الجاهلية فسمي الراهب ، وسماه الرسول صلىاللهعليهوسلم الفاسق ، وكان سيدا في قومه نظيرا وقريبا من عبد الله بن أبي بن سلول ، فلما جاء الله بالإسلام نافق ولم يزل مجاهرا بذلك ، وقال لرسول الله صلىاللهعليهوسلم بعد محاورة : «لا أجد قوما يقاتلونك إلا قاتلتك معهم» فلم يزل يقاتله وحزب على رسول الله صلىاللهعليهوسلم الأحزاب ، فلما ردهم الله بغيظهم أقام بمكة مظهرا للعداوة ، فلما كان الفتح هرب إلى الطائف ، فلما أسلم أهل الطائف هرب إلى الشام يريد قيصر
__________________
(١) سورة النساء : ٤ / ١٦٢.
(٢) سورة المائدة : ٥ / ٣٨.