فأدبرت فلحقنى عبد الرحمن بن عوف فقال : ما ذا قلت لرسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ ما زال يتبعك بصره. فظننت أنّ قولى قد خالف رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأمهلت حتى إذا خرج إلى الصلاة أتيته فقلت : يا رسول الله ، إن عبد الرحمن بن عوف أخبرنى بكذا وكذا ، وأنا أتوب إلى الله ، أو كما قال. فقال : لا ، ولكنك مقتول ، أو قاتل ، فكن المقتول ، والله أعلم.
قال : عبد الرحمن : (١) وكان فتح إفريقية كما حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ، عن الليث بن سعد ، سنة سبع وعشرين.
وفى تلك السنة كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة ، عن مالك بن أنس ، توفّيت حفصة زوج النّبيّ صلىاللهعليهوسلم.
ذكر النوبة
قال : عبد الرحمن (٢) : غزا عبد الله بن سعد الأساود ، وهم النوبة ، كما حدثنا يحيى ابن عبد الله بن بكير سنة إحدى وثلاثين.
وحدثنا عبد الملك بن مسلمة ، حدثنا ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبى حبيب ، قال : كان عبد الله بن سعد بن أبى سرح عامل عثمان على مصر ، فى سنة إحدى وثلاثين ، فقاتله النوبة.
قال ابن لهيعة : وحدثنى الحارث بن يزيد ، قال : اقتتلوا قتالا شديدا ، وأصيبت يومئذ عين معاوية بن حديج وأبى شمر بن أبرهة ، وحيويل بن ناشرة ، فيومئذ سمّوا رماة الحدق ، فهادنهم عبد الله بن سعد إذ لم يطقهم. وقال الشاعر :
لم تر عينى مثل يوم دمقله |
|
والنخيل تعدو بالدروع (٣) مثقله |
قال ابن أبى حبيب فى حديثه : وإن عبد الله صالحهم على هدنة بينهم ، على أنهم لا يغزونهم ، ولا يغزوا النوبة المسلمين ، وأن النوبة يؤدّون كلّ سنة إلى المسلمين كذا وكذا رأسا من السبى ، وأن المسلمين يؤدّون إليهم من القمح كذا وكذا ، ومن العدس كذا وكذا ، فى كل سنة. قال ابن أبى حبيب : وليس بينهم وبين أهل مصر عهد ولا ميثاق ، إنما هى هدنة أمان بعضنا من بعض.
__________________
(١) عبد الرحمن : زيدت من ك.
(٢) عبد الرحمن : زيدت من ك.
(٣) أ : «فى الدروع».