حدثنا أحمد بن عمرو بن سرح أبو الطاهر ، قال : رفع بعض بنى مسكين إلى أبى خزيمة فى شىء من أمر حبسهم ، وقد كان بعض القضاة نظر فيه فكأنّ أبا خزيمة لم ير إنفاذ ذلك ، فكتب إليه : إذا نحن لم ننتفع بقول القضاة قبلك عندك كذلك لا ننتفع (١) بقولك عند القضاة بعدك ، فأنفذ ذلك.
قال : وخرج يوما من المجلس فلم يواف دابّته ، فعرض عليه رجل من أهل البلد ـ أحسبه ابن أبى الجويرية ـ أن يركب دابّته فأبى ، وعرض عليه رجل آخر دابّته فركبها ، فكلّمه الرجل فى ذلك ؛ فقال : ما منعنى من ركوبها إلا أنى رأيت فى اللجام صدغين من فضّة.
قال : وولى عبد الله بن عيّاش القصص. وقد كان (٢) عقبة بن مسلم على القصص فنحّى عنه ؛ فقال عقبة بن مسلم ، كما حدثنا يحيى بن بكير : ما لى أعزل؟ والله ما أنا بصاحب خراج ولا حرب ؛ إنما أنا قاص (٣) أصلّى بالناس ، فإن كنت أطوّل فأحبّوا أن أقصّر قصّرت ، وإن كنت أقصرّ فأحبّوا أن أطوّل طوّلت.
قال : ثم استعفى أبو خزيمة فأعفى ، وجعل مكانه عبد الله بن بلال الحضرمى.
ويقال : إنما هو غوث الذي كان استخلفه حين شخص غوث إلى أمير المؤمنين أبى جعفر ، وذلك فى سنة أربع وأربعين ومائة ، وكان يجلس للناس فى المسجد الأبيض ، ثم قدم غوث فأقّره خليفة له يحكم بين الناس حتى مات عبد الله بن بلال ، فلما مات ركب غوث إلى منزله ؛ فضمّ الديوان والودائع التى كانت قبله وغير ذلك ، فزعموا أن ابنة عبد الله بن بلال صاحت يومئذ : وا ذلّاه.
حدثنا يحيى بن بكير ، قال : لم يزل أبو خزيمة على القضاء حتى قدم غوث من الصائفة ؛ فعزل أبو خزيمة وردّ غوث على القضاء.
ويقال : إن غوث بن سليمان حين شخص إلى العراق جعل على القضاء أبو خزيمة إبراهيم بن يزيد ، فلم يزل على القضاء حتى توفّى سنة أربع وخمسين ومائة.
وكان ابن حديج يومئذ بالعراق قال : فدخلت على أمير المؤمنين أبى جعفر ، فقال
__________________
(١) ب : «ينتفع».
(٢) وقد كان : أ«وكان».
(٣) ب ، ج : «قاضى».