المسجد لعبد الله بن عمر بن الخطّاب ، فعمّره وأحسن عمارته ، وهو مسجد عبد الله ابن عبد الملك ، لا شكّ فيه.
فأراد عبد الله بن عبد الملك عزل ابن حديج ، فاستحيا من عزله عن غير شىء ، ولم يجد عليه مقالا ولا متعلّقا ، فولّاه مرابطة الإسكندرية ، وولّى عمران ابن عبد الرحمن بن شرحبيل بن حسنة القضاء والشرط ، فلم يزل على ذلك إلى سنة تسع وثمانين. فغضب عليه عبد الله بن عبد الملك فى شىء لم يسمّ لى ، فحبسه فى بيت ، وأمر أن يقطع له ثوب من قراطيس ، ويكتب فيه (١) عيوبه ومعائبه ، ثم يلبسه ويوقف للناس حتى يرجع من مخرجه (٢).
وولّى عبد الأعلى بن خالد بن ثابت الفهمى مكانه. وخرج عبد الله بن عبد الملك إلى وسيم ، وكانت لرجل من القبط ، فسأل عبد الله أن يأتيه إلى منزله ويجعل له مائة ألف دينار ؛ فخرج إليه عبد الله بن عبد الملك.
قال ابن عفير : إنما كان مخرج عبد الله إلى أبى النمرس مع رجل من الكتّاب يقال له ابن حنظلة ، وكانت داره الدار التى يسكنها اليوم أبو صالح الحرّانى. فأتى عبد الله العزل وولاية قرّة بن شريك العبسى وهو هنالك.
قال ابن عفير : فلما بلغه ذلك قام ليلبس سراويله فلبسه (٣) منكوسا. قال وقدم قرّة ابن شريك على ثلاثة من البريد ، فدخل المسجد فركع فى المحراب ، ثم تربعّ فجلس ، وقعد أحد الرجلين إلى جنبه ، وقام الآخر على رأسه ، فأتى إلى عبد الأعلى بن خالد رجل من شرطة المسجد فقال له : قدم رجل على ثلاثة من البريد حتى نزل بباب المسجد ثم دخل المحراب فركع ، ثم تربّع فجلس ، فأتاه ابن رفاعة فسلّم عليه بغير الأمرة ، فقال له قرّة : على (٤) شىء من العمل أنت؟ قال : نعم ، على الشرط ، قال : اذهب فاختم على الديوان ، قال : إن كنت على الخراج فإنّ هذا ليس إليك ، قال : اذهب كما تؤمر ، فقال بن رفاعة : السلام عليك أيّها الأمير ورحمة الله ، فقال له قرّة : ممّن أنت؟ قال : من فهم. فقال قرة :
__________________
(١) أ : «عليه».
(٢) الكندى ص ٣٢٧ ـ ٣٢٨.
(٣) ج : «فلبسها».
(٤) أ : «أعلى».