دينار (١) ، فبلغ ذلك أبا المهاجر ، فلم يزل خائفا منذ بلغته دعوته ، فلما قدم عقبة مصر ركب إليه مسلمة بن مخلّد ، فأقسم له بالله لقد خالفه ما صنع أبو المهاجر ، ولقد أوصيته بك خاصّة.
وقد كان قيل لمسلمة : لو أقررت عقبة فإن له جزالة (٢) وفضلا ، فقال مسلمة : إن أبا المهاجر صبر علينا فى غير ولاية ولا كبير نيل ، فنحن نحبّ أن نكافئه.
فلما قدم أبو المهاجر إفريقية كره أن ينزل فى الموضع الذي اختطّه عقبة بن نافع ، ومضى حتى خلّفه بميلين ، فابتنى ونزل.
وكان الناس قبل أبى المهاجر كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة ، عن ابن لهيعة.
وأحمد بن عمرو ، عن ابن وهب ، عن ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبى حبيب ، يغزون إفريقية ثم يقفلون منها إلى الفسطاط ، وأوّل من أقام بها حين غزاها أبو المهاجر مولى الأنصار ، أقام بها الشتاء والصيف ، واتّخذها منزلا ، وكان مسلمة بن مخلّد الذي عقد له على الجيش الذين خرجوا معه إليها ، فلم يزالوا بها حتى قتل ابن الزبير ، فخرجوا منها.
ثم قدم عقبة على معاوية بن أبى سفيان فقال له : فتحت البلاد وبنيت المنازل ومسجد الجماعة ، ودانت لى (٣) ، ثم أرسلت عبد الأنصار فأساء عزلى. فاعتذر إليه معاوية وقال : قد عرفت مكان مسلمة بن مخلّد من الإمام المظلوم ، وتقديمه إيّاه ، وقيامه بدمه ، وبذل (٤) مهجته ، وقد رددتك على عملك.
ويقال : إن معاوية ليس هو الذي ردّ عقبة بن نافع ، ولكنه قدم على يزيد بن معاوية بعد موت أبيه ، فردّه واليا على إفريقية ، وذلك أصحّ لأن معاوية توفّى سنة ستّين.
حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ، عن الليث بن سعد ، قال : توفّى معاوية بن أبى سفيان سنة ستين.
مقتل عقبه بن نافع : ثم رجع إلى حديث عثمان وغيره ، قال : فخرج عقبة
__________________
(١) فى : د زيادة «وكان مجاب الدعوة».
(٢) ب ، ج : «جرأة».
(٣) د : «ودانت لى المغرب».
(٤) ب : «وبذله».