لى : يا ابن حديج ، لقد توفّى ببلدك رجل أصيبت (١) به العامّة ، قال قلت : يا أمير المؤمنين ذاك إذا أبو خزيمة ، فقال : نعم ، فمن ترى أن نولّى القضاء بعده؟ قلت : أبو معدان اليحصبى يا أمير المؤمنين ، قال : ذاك رجل أصمّ ولا يصلح للقاضى أن يكون أصمّ ، قال قلت : فابن لهيعة يا أمير المؤمنين. قال : ابن لهيعة على ضعف فيه. فأمر بتوليته (٢) وأجرى عليه فى كل شهر ثلاثين دينارا ، وهو أول قضاة مصر أجرى عليه ذلك ، وأول (٣) قاض بها استقضاه خليفة ، وإنما كان ولاة البلد هم الذين يولّون القضاة ، فلم يزل قاضيا حتى صرف فى سنة أربع وستّين ومائة (٤).
وولى إسماعيل بن اليسع الكوفىّ وعزل فى سنة سبع وستّين ومائة. وكان محمودا عند أهل البلد ، إلّا أنه كان يذهب إلى قول أبى حنيفة ، ولم يكن أهل البلد يومئذ يعرفونه (٥).
حدثنا أبى عبد الله ، قال : كتب فيه الليث بن سعد إلى أمير المؤمنين ، يا أمير المؤمنين ، إنك ولّيتنا رجلا يكيد سنّة رسول الله صلىاللهعليهوسلم بين أظهرنا ، مع أنّا ما علمنا [عليه](٦) فى الدينار والدرهم إلّا خيرا. ، فكتب بعزله.
وردّ غوث بن سليمان على القضاء ، فلم يزل حتى توفّى فى جمادى الآخرة سنة ثمان وستّين ومائة.
حدثنا حمّاد بن مسور أبو رجاء ، قال : قدمت امرأة من الريف وغوث قاض فى محفّة ، فوافت غوث بن سليمان عند السرّاجين رائحا إلى المسجد ، فشكت إليه أمرها وأخبرته بحاجتها ؛ فنزل عن دابّته فى حوانيت السرّاجين ولم يبلغ المسجد ، وكتب لها بحاجتها وركب إلى المسجد ، فانصرفت المرأة وهى تقول : أصابت والله أمّك حين سمّتك غوثا ، أنت غوث عند اسمك.
__________________
(١) ب : «أصيب».
(٢) فأمر بتوليته : د «فولاه القضاء».
(٣) د : «وكان أول».
(٤) الكندى ص ٣٦٨ وما بعدها.
(٥) الكندى ص ٣٧٤.
(٦) ما بين المعقوفتين مكمل من ابن حجر فى رفع الإصر وهو ينقل عن ابن عبد الحكم.