الإسلام يهدم ما كان قبله ، وقد بعثت إليك ببطاقة فألقها فى داخل النيل إذا أتاك كتابى (١) ، فلما قدم الكتاب على عمرو فتح البطاقة فإذا فيها : من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى نيل أهل مصر ، أمّا بعد ، فإن كنت تجرى من قبلك فلا تجر ، وإن كان الله الواحد القهّار الذي يجريك فنسأل الله الواحد القهّار أن يجريك.
فألقى عمرو البطاقة فى النيل قبل يوم الصليب بيوم ، وقد تهيّأ أهل مصر للجلاء والخروج منها لأنه لا يقوم بمصلحتهم فيها إلا النيل ، فأصبحوا يوم الصليب وقد أجراه الله ستّة عشر ذراعا فى ليلة ، وقطع تلك السنّة السّوء عن أهل مصر.
حدثنا عثمان بن صالح ، حدثنا ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبى حبيب ، أن موسى عليهالسلام دعا على آل فرعون ، فحبس الله عنهم النيل حتى أرادوا الجلاء حتى طلبوا إلى موسى أن يدعو الله فدعا الله رجاء أن يؤمنوا ، فأصبحوا وقد أجراه الله فى تلك الليلة ستّة عشر ذراعا ، فاستجاب الله بتطوّله (٢) لعمر بن الخطاب كما استجاب لنبيّه موسى عليهالسلام*).
ذكر الجزية
قال عبد الرحمن (٣) : وكان عمرو يبعث إلى عمر بن الخطّاب بالجزية بعد حبس ما كان يحتاج إليه ، وكانت فريضة مصر كما حدثنا عثمان بن صالح ، عن ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبى حبيب لحفر خلجها (٤) ، وإقامة جسورها ، وبناء قناطرها ، وقطع جزائرها مائة ألف وعشرين ألفا (٥) ، معهم الطّور والمساحى والأداة ؛ يعتقبون ذلك ، لا يدعون ذلك شتاء ولا صيفا.
ثم كتب عمر بن الخطاب كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن القاسم بن عبد الله ، عن عبد الله بن دينار ، عن عبد الله بن عمر أن يختم فى رقاب أهل الذمّة
__________________
(١) ب : «كتابى هذا».
(٢) ب «بطوله» وكذا المقريزى وهو ينقل عن ابن عبد الحكم.
(٣) عبد الرحمن : زيدت من ك.
(٤) ب ، د ، ك : «خليجها».
(٥) د : «وعشرين ألفا من الفعلة».