لا ، ولكن ممّا بعد الموت ، فذكر له عبد الله مواطنه التى كانت مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم والفتوح التى كانت بالشأم ، فلما فرغ عبد الله من ذلك قال : قد كنت على أطباق ثلاثة ، لو متّ على بعضهن علمت ما يقول الناس ، بعث الله محمّدا صلىاللهعليهوسلم فكنت أكره الناس لما جاء به ، أتمنّى لو أنى قتلته ، فلو متّ على ذلك لقال الناس مات عمرو مشركا ، عدوّا لله ولرسوله ، من أهل النار ، ثم قذف الله الإسلام فى قلبى ، فأتيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فبسط إلىّ يده ليبايعنى ، فقبضت يدى ، ثم قلت : أبايعك على أن يغفر (١) لى ما تقدّم من ذنبى ، وأنا أظنّ حينئذ أنى لا أحدث فى الإسلام ذنبا. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : يا عمرو ، إن الإسلام يجبّ ما قبله من خطيئة ، وإن الهجرة تجبّ ما بينها وبين الإسلام ، فلو متّ على هذا الطبق لقال الناس ، أسلم عمرو وجاهد مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم نرجو لعمرو عند الله خيرا كثيرا ثم أصبت إمارات وكانت فتن ، فأنا مشفق من هذا الطبق.
فإذا أخرجتمونى فأسرعوا بى (٢) ، ولا تتبعنى مادحة (٣) ولا نار ، وشدّوا علىّ إزارى ، فإنى مخاصم ، وسنّوا علىّ التراب سنّا ، فإن يمينى ليست بأحقّ بالتراب من يسارى ، ولا تدخلنّ القبر خشبة ولا طوبة ، ثم إذا قبرتمونى فامكثوا عندى قدر نحر جزور وتقطيعها ، أستأنس بكم.
حدثنا أسد بن موسى ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا يزيد بن أبى حبيب ، عن سويد بن قيس ، عن قيس بن سمىّ نحوه.
قال وقال عمرو : فو الله إنّى إن كنت لأشدّ الناس حياء من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ما ملأت عينى منه ، ولا راجعته (٤) بما أريد حتى لحق بالله حياء منه.
وصيّة عمرو بن العاص عند موته
حدثنا أسد بن موسى ، حدثنا عبد الرحمن بن محمد ، عن محمد بن طلحة ، عن إسماعيل ، أن عمرو بن العاص لمّا حضره الموت قال : ادعوا لى عبد الله ، فقال : يا بنىّ إذا أنا متّ فاغسلنى وترا ، واجعل فى آخر ماء تغسلنى به شيئا من كافور ، فإذا فرغت فأسرع
__________________
(١) د ، ك : «تغفر».
(٢) د : «بجنازتى».
(٣) ج : «نائحة».
(٤) ب : «راجعت».