بى ، فإذا أدخلتنى قبرى فسنّ علىّ التراب سنّا ، واعلم أنك تتركنى وحيدا خائفا ، اللهمّ لا أعتذر ، ولكنى أستغفر ، اللهمّ إنك أمرت بأمور فتركنا ، ونهيت فركبنا ، فلا برىء فأعتذر ، ولا عزيز فأنتصر ، ولكن لا اله إلا أنت لا إله إلا أنت ، ـ ثلاث مرّات ـ ثم قبض.
حدثنا عبد الملك بن مسلمة ، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، أن عمرو ابن العاص لما حضرته الوفاة ذرفت (١) عيناه فبكى ، فقال له عبد الله : يا أبت ، ما كنت أخشى (٢) أن ينزل بك أمر الله إلا صبرت عليه ، قال له : يا بنىّ إنه نزل بأبيك خلال ثلاث : أما أولاهن فانقطاع عمله ، وأما الثانية فهول المطّلع ، وأما الثالثة ففراق الأحبّة وهى أيسرهن. اللهمّ أمرت فتوانيت ، ونهيت فعصيت ، اللهم ومن شيمك (٣) العفو والتجاوز.
حدثنا وهب الله بن راشد ، أخبرنا يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، عن حميد ابن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن عمرو ، أن عمرو بن العاص حين حضرته الوفاة قال : أى بنىّ ، إذا متّ فكفّنّى فى ثلاثة أثواب ، ثم أزّرنى فى أحدهنّ ، ثم شقّوا لى الأرض شقّا ، وسنّوا علىّ التراب سنّا ، فإنى مخاصم ، ثم قال : اللهمّ إنك أمرت بأمور ونهيت عن أمور ، فتركنا كثيرا مما أمرت به ، ووقعنا فى كثير مما نهيت عنه ، اللهمّ لا إله إلا أنت ، فلم يزل يردّدها حتى فاظ.
حدثنا المقرئ عبد الله بن يزيد ، حدثنا حرملة بن عمران التجيبى ، حدثنى يزيد بن أبى حبيب ، عن أبى فراس مولى عمرو بن العاص ، أن عمرا لما حضرته الوفاة قال لابنه عبد الله : إذا متّ فاغسلنى وكفّنّى ، وشدّ علىّ إزارى فإنى مخاصم ، فإذا أنت حملتنى فأسرع بى المشى ، فإذا أنت وضعتنى فى المصلّى وذلك فى يوم عيد فانظر إلى أفواه الطرق فإذا لم يبق أحد ، واجتمع الناس ، فابدأ فصلّ علىّ ، ثم صلّ العيد ، فإذا وضعتنى فى لحدى فأهيلوا علىّ التراب ، فإن شقّى الأيمن ليس بأحقّ بالتراب من شقّى الأيسر ، فإذا سوّيتم علىّ فاجلسوا عند قبرى قدر نحر جزور وتقيطعها ، أستأنس بكم.
فلما تقدّم عبد الله بن عمرو ليصلّى على أبيه كما حدثنا عبد الغفّار ابن داود. وعبد الله بن صالح ، عن الليث بن سعد ، عن ربيعة بن لقيط ، قال : والله ما
__________________
(١) أ : «دمعت».
(٢) ب : «أحسب».
(٣) ب ، ج ، ك : «شيمتك».