القصور واطمأننت فيها ، فقال : إن مصر قد أوفت خرابها حطمها (١) بخت نصّر فلم يدع فيها الّا السباع والضباع ، وقد مضى خرابها ، فهى اليوم أطيب الأرضين ترابا وأبعده خرابا ، ولن تزال فيها بركة ما دام فى شىء من الأرضين بركة.
(*) وحدثنا عبد الله بن صالح ، حدثنى الليث بن سعد ، عن أبى قبيل نحوه قال : فزعم بعض مشايخ أهل مصر أن الذي كان يعمل به بمصر على عهد ملوكها ، أنهم كانوا يقرّون القرى فى أيدى أهلها ، كلّ قرية بكراء معلوم ، لا ينقض عليهم إلّا فى كلّ أربع سنين من أجل الظمأ وتنقّل اليسار ؛ فإذا مضت أربع سنين نقض (٢) ذلك ، وعدّل تعديلا جديدا ، فيرفق بمن استحقّ (٣) الرفق ، ويزاد على من يحتمل (٤) الزيادة ، ولا يحمّل عليهم من ذلك ما يشقّ عليهم ؛ فإذا جبى الخراج وجمع ، كان للملك من ذلك الربع خالصا لنفسه يصنع به (٥) ما يريد ، والربع الثانى لجنده ومن يقوى به على حربه وجباية خراجه ودفع عدوّه ، والربع الثالث فى مصلحة الأرض وما يحتاج إليه من جسورها وحفر خلجها ، وبناء قناطرها ؛ والقوّة للمزارعين على زرعهم ، وعمارة أرضهم ، والربع الرابع يخرج منه ربع ما يصيب كلّ قرية من خراجها فيدفن ذلك فيها لنائبة تنزل ، أو جائحة بأهل القرية ؛ فكانوا على ذلك. وهذا الربع الذي يدفن فى كلّ قرية من خراجها ، هى كنوز فرعون التى تتحدّث الناس بها أنها ستظهر ، فيطلبها الذين يتبعون الكنوز (*).
وحدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار ، حدثنا ابن لهيعة ، عن أبى قبيل قال : (*) خرج وردان من عند مسلمة بن مخلّد وهو أمير على مصر ـ فمرّ على عبد الله بن عمرو مستعجلا ، فناداه : أين تريد يا أبا عبيد؟ قال : أرسلنى الأمير مسلمة أن آتى منف فأحفر له عن كنز فرعون. قال : فارجع إليه ، وأقرئه منّى السلام وقل له : إن كنز فرعون ليس لك ولا لأصحابك ، إنما هو للحبشة ، إنهم يأتون فى سفنهم يريدون الفسطاط ،
__________________
(١) ب «خربها» وفى د «حطها».
(* ـ *) قارن بالسيوطى ج ١ ص ٤٤ ـ ٤٥.
(٢) أ ، ج «نقص».
(٣) ب ، د «يستحق».
(٤) ب «يستحق».
(٥) ب «فيه».
(* ـ *) قارن بالسيوطى ج ١ ص ٤٥.