تنتشر بين جميع الشعوب والدول المحيطة بها في سهولة ويسر» (١).
وطبيعي : أن هذا الدين لو كان ظهر في بلاد كسرى ؛ فإن أتباع قيصر لا يتبعونه ، وكذلك العكس ؛ وذلك بسبب المنافسة القائمة بين الإمبراطوريتين والحواجز النفسية الحاكمة والمهيمنة على الأمتين.
ج ـ لقد بدأ «صلى الله عليه وآله» دعوته في مكان بعيد عن نفوذ الدولتين العظيمتين : الرومان ، والفرس ، وغيرهما من الدول ذات القوة.
إذن ، فلا قوة قاهرة تستطيع أن تضرب الضربة الحاسمة ، وتقضي على دعوته في مهدها ؛ وذلك لأن المحيط الذي بدأ فيه دعوته ، والحجاز عموما ، كانت تسيطر عليه الروح القبلية ، ويطغى عليه التعصب القبلي ، والقوى فيه متكافئة تقريبا ، وكانت القبائل المتعددة كثيرة ـ فبطون قريش وحدها كانت عشرة أو تزيد ـ يرقب بعضها بعضا ، ويخشى بعضها بأس بعض.
هذا كله ، عدا عن أنها كانت تعرف : أنها إذا أرادت أن تنتهك حرمة الحرم ، ويحارب بعضها بعضا ؛ فإن مكانتها واحترامها ـ وبالتالي مصالحها الحيوية سوف تتعرض لدى سائر العرب لنكسة قاسية ، إن لم تكن قاضية.
٢ ـ خصائص شخصية الرسول صلّى الله عليه وآله :
أ ـ لقد كان صاحب هذه الدعوة : محمد «صلى الله عليه وآله» من قريش ، أعظم قبائل العرب خطرا ، وقوة ، ونفوذا ، والتي كان ينظر إليها ـ كل أحد ـ بعين الإجلال والإكبار ، وبالأخص هو من البيت الهاشمي منها ، الذي كان يمتاز بالنزاهة والطهر ، وله السيادة والزعامة ، والسؤدد في
__________________
(١) فقه السيرة ص ٣٥.