الربانية ضال قطعا ، وجاهل بلا ريب.
فهو من قبيل ما روي عن أمير المؤمنين «عليه السلام» : ما أنا في نفسي بفوق أن أخطئ ، إلا أن يكفي الله بلطف منه.
وهذا معناه : أنه لا هداية لو لا لطف الله وعصمته وتوفيقه ، لكن بعد أن كان لطف الله حاصلا من أول الأمر ، فإن العصمة تكون حاصلة بالضرورة من أول الأمر أيضا.
على أن وجدان الله محتاجا إلى الهدايات كان من حين خلقه له ، وقد جاءت الهدايات فور وجدانه له كذلك .. فلا يوجد فاصل زمني بين هذا وذاك ، وذلك ، وقد شرحنا هذا الأمر في كتابنا مختصر مفيد (١).
أولو العزم :
وبعد ، فقد نجد في قوله تعالى حكاية عن آدم «عليه السلام» : (وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً)(٢) ، حتى وإن كانت ناظرة إلى نسيان الميثاق الذي أخذه الله في عالم الذر ، ثم في قوله : (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ)(٣).
وغير ذلك من شواهد ودلائل ما يشجعنا على القول : بأن المراد من إطلاق هذه الصفة على بعض الأنبياء «عليهم السلام» هو العزم الذي ينتج ذلك الصبر الذي فعله أولئك الرسل الذين أشير إليهم في الآية ، فإن جميع الأنبياء معصومون ابتداء من آدم «عليه السلام» ، لكن عزم بعضهم أقوى
__________________
(١) راجع : مختصر مفيد ج ١ ص ١٧٩.
(٢) الآية ١١٥ من سورة طه.
(٣) الآية ٣٥ من سورة الأحقاف.