مع أهداف ومبادئ المتكلم ، ولكن لو دقق في اللفظ وفي خصوصياته ، وجمع بين بعضها البعض لأمكنه إدراك عدم إمكان تحملها لذلك المعنى الفاسد.
ولأجل ذلك ، نجد الذين في قلوبهم زيغ يحاولون انتهاز الفرصة للتشبث بهذا النوع من الآيات ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ، وعطف اتجاهه ؛ ليلائم أهواءهم ، ومن أجل الطعن في القرآن والإسلام (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ)(١) ، لأنهم يردون المتشابه إلى المحكم الذي يبين أهداف ومرامي الله تعالى ، ويوجه التعبير في المتشابهات ليفيد المعنى المقصود ، ويبين بعض ما خفي من وجوهه وخصوصياته.
لابد من وجود المتشابه في القرآن :
وينقل الرازي : أن من الملاحدة من طعن في القرآن لاشتماله على المتشابه ، إذ كيف يكون مرجعا للناس في كل عصر ، مع وفرة دواعي الاختلاف فيه ؛ حيث يجد كل صاحب مذهب فيه مأربه ؛ فإن هذا لا يصدر عن الحكيم (٢).
ولعل ما ذكرناه فيما تقدم يكفي في الإجابة عن هذه الترهات. ونزيد هنا ما ذكره العلامة الطباطبائي ، فإنه قال ما حاصله :
إنه كان لا محيص عن وقوع التشابه في القرآن ، لأنه كان يجري في تعابيره الرقيقة مع أساليب القوم ، مع سمو معناه ، وعمق مغزاه ، في مقابل
__________________
(١) الآية ٨٣ من سورة النساء.
(٢) تفسير الرازي ج ٧ ص ١٧١.