انحطاطهم في المستوى الفكري والثقافي.
وقد جاء القرآن بمفاهيم جديدة ، كانت غريبة عن نوعية أفكار ومفاهيم المجتمع البشري آنذاك ، ولا سيما في جزيرة العرب ، البعيدة عن الثقافة والمعرفة ، في حين التزامه في التعبير عن تلك المقاصد العالية بنفس الأساليب التي كانت معروفة في ذلك العهد ، الأمر الذي ضاق بتلك الألفاظ التي كانت موضوعة للتعبير عن معان محسوسة ، أو قريبة من الحس ، ومحدودة في نطاق ضيق ، تتناسب مع ذهنية العربي وثقافته والتعبير عن معان مبتذلة ـ لقد ضاق الأمر بتلك الألفاظ ـ عن أن تحيط بتلك المفاهيم الرحبة الآفاق ، البعيدة الأغوار ، وجاء استعمال تلك الألفاظ للتعبير عن هذه المقاصد العالية غريبا عن المألوف العام ، وعن ذهنية الإنسان العادي.
ومن ثم ، فقد قصرت أفهامهم عن إدراك حقائقها ودقائقها ، ولا سيما حين رأوا :
أن القرآن يستعمل في التعبير عن مقاصده صنوف المجاز ، والاستعارات ، والتشبيهات ، والكنايات ، ودقائق الإشارات ، واستعمل مختلف خصائص اللغة العربية ، سواء منها ما يتعلق بالمفردات ، أو بالهيئات التركيبية ؛ ليمكن إخضاع تلك المعاني السامية للقوالب اللفظية المحدودة والمألوفة.
وكان ذلك سببا في تقريب تلك المعاني إلى أفهام العامة ، من حيث أنه أخضعها للقوالب اللفظية ، المأنوسة والمألوفة لديهم ، وسببا في بعدها ، من حيث عدم قدرة تلك القوالب اللفظية على استيعاب معان لم تكن هي