شاعرهم يتمدحهم بذلك :
لا يسألون أخاهم حين يندبهم |
|
في النائبات على ما قال برهانا (١) |
ومن الجهة الأخرى ، فإن القبيلة تتحمل كل جناية أو جريمة يرتكبها أحد أبنائها ، وتحميه من كل من أراده بسوء ، بل يكون أخذ الثأر من غير الجاني إذا كان من قبيلته كافيا وشافيا للموتورين ، الذين يريدون شفاء ما في نفوسهم ، وإدراك أوتارهم.
الحضر في شبه جزيرة العرب :
أما الحضر في جزيرة العرب ، وهم الذين يسكنون المدن ، ويستقرون فيها ، فإنهم وإن كانوا في حياتهم أرقى من العرب الرحل ، إلا أن رقيهم هذا لم يكن بحيث يجعل الفارق بينهما كبيرا.
ومن هنا ، فإننا نلاحظ تشابها كبيرا فيما بينهما في العقلية ، وفي المفاهيم ، وفي العادات والتقاليد ، وأساليب الحياة ، وبدائيتها ، هذا إن لم نقل :
إن العرب الرحل كانوا أصح أبدانا ، وأفصح لسانا ، وأقوى جنانا ، وأصفى نفسا ، وفكرا وقريحة.
ولكن امتياز هؤلاء وأولئك في بعض الأمور لم يكن إلى الحد الذي يحتم على الباحث فصل الحديث عنهما ، ولا سيما بالنسبة إلى أولئك الحضريين الذي يسكنون الحجاز.
__________________
(١) البيت منسوب لقريط بن أنيف العنبري راجع تفسير جامع الجوامع ج ٢ ص ٦٨٢ عن خزانة الأدب ج ٧ ص ٤٤١.