المشركون الذين عاشوا في زمن الفترة الجنة؟!
فقد ذكر الحلبي ودحلان وغيرهما : أن أهل الفترة لا عذاب عليهم إلا على قول ضعيف ، مبني على وجوب الإيمان والتوحيد بالعقل ، والذي عليه أكثر أهل السنة والجماعة : أنه لا يجب ذلك إلا بإرسال الرسل.
وأطبق الأشاعرة في الأصول ، والشافعية في الفقه على أن من مات ولم تبلغه الدعوة مات ناجيا ، ويدخل الجنة ؛ فعليه :
أهل الفترة من العرب لا تعذيب عليهم ، وإن غيّروا ، أو بدلوا ، أو عبدوا الأصنام ، والأحاديث الواردة بتعذيب من ذكر مؤولة (١) ، وبهذا ، وبالأحاديث المتواترة يرد ما زعموه من أنه «صلى الله عليه وآله» قد منع من الاستغفار لأمه رضوان الله تعالى عليها ، وإن كنا نحن نعتقد أن أهل الفترة يعذبون إذا قامت عليهم الحجة العقلية أو النقلية إلا القاصرين منهم ؛ فإن التوحيد يثبت بالعقل لا بإرسال الرسل ، وإلا ، لم يمكن إثبات شيء على الإطلاق ، لا التوحيد ، ولا النبوة ، ولا الدين من الأساس.
غريبة :
ومن غريب الأمر هنا : أن نجد البعض يوجه رواية : إن أبي وأباك في النار ، بأن المقصود هو عمه أبو طالب ؛ لأن العرب تسمي العم أبا ، وقد كان
__________________
(١) السيرة النبوية لدحلان ج ١ ص ٣٢ ـ ٣٣ ، والسيرة الحلبية ج ١ ص ١٠٦ و ١٠٧ ، وهذا هو رأي ابن حجر الهيثمي ، والمناوي ، والسيوطي.