الوساوس حارسا ، ولأقدامنا عن نقلها إلى المعاصي حابسا ، ولألسنتنا عن الخوض في الباطل من غير ما آفة مخرسا ، ولجوارحنا عن اقتراف الآثام زاجرا ، ولما طوت الغفلة عنا من تصفح الاعتبار ناشرا ، حتى توصل إلى قلوبنا فهم عجائبه ، وزواجر أمثاله إلخ» (١).
المحكم والمتشابه :
هذا وقد أشير إلى وجود المحكم والمتشابه في القرآن في قوله تعالى :
(مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ)(٢).
هذا ، مع العلم بأن الله تعالى لا يريد أن ينزل لعباده كتابا فيه الألغاز والأحاجي ، بل هو كما قال تعالى : (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ)(٣). وقال : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)(٤).
إذن ، فلا بد أن يراد بالمتشابه معنى ينسجم مع واقع القرآن وأهدافه ، ولعل التأمل فيما قدمناه يسهل علينا فهم المراد منه ، ولأجل إيضاح ذلك نقول :
إن المتشابه هو الكلام الذي لا ينبئ ظاهره عن المراد ، بل يحتمل من لم يكن راسخا في العلم فيه وجوها من المعاني ، التي لا يكون بعضها منسجما
__________________
(١) الصحيفة السجادية ص ١٣٦ الدعاء عند ختم القرآن.
(٢) الآية ٧ من سورة آل عمران.
(٣) الآية ٢٩ من سورة ص.
(٤) الآية ٢ من سورة يوسف.