وأجيب : بأن ذلك مبني على النسيء في الأشهر الحرم عند العرب ، فإنهم كانوا يقولون مثلا :
إن الأشهر الحرم توضع بعد أربعة أشهر مثلا ، ثم يستحلون القتال في نفس الأشهر التي رفع الاعتبار عنها.
ولكن إن لم نقل بأن الحمل به «صلى الله عليه وآله» أربعة أشهر قد كان من خصوصياته «صلى الله عليه وآله» فلا يمكننا قبول تلك الرواية حتى ولو صح سندها ، وذلك لأن كون تلك الرواية واردة بناء على أشهر النسيء يحتاج إلى إثبات ، إذ لم نعهد في تعبيرات المعصومين بناء كلامهم على النسيء ، الذي هو زيادة في الكفر ، كما لم نعهد ذلك في كلمات المحدثين والمؤرخين ، ولا سيما مع عدم نصب قرينة على ذلك.
تعقيب هام وضروري :
لقد قال الإربلي «رحمه الله» ، بعد أن أشار إلى الاختلاف في تاريخ ولادته «صلى الله عليه وآله» : «إن اختلافهم في يوم ولادته سهل ، إذ لم يكونوا عارفين به ، وبما يكون منه ، وكانوا أميين لا يعرفون ضبط مواليد أبنائهم ، فأما اختلافهم في موته ، فعجيب ، والأعجب من هذا ، اختلافهم في الأذان والإقامة ، بل اختلافهم في موته أعجب ؛ فإن الأذان ربما ادعى كل قوم أنهم رووا فيه رواية ، فأما موته فيجب أن يكون معينا معلوما» (١).
وكلام الإربلي «رحمه الله» ظاهر المأخذ ، فهو يقول : إن اختلافهم في تاريخ ولادة النبي «صلى الله عليه وآله» ربما تكون له مبرراته ، ولكن ما يثير
__________________
(١) كشف الغمة ج ١ ص ١٥.