الدهشة حقا هو اختلافهم في يوم وفاته «صلى الله عليه وآله» ، مع أنهم كانوا قد عرفوا فيه «صلى الله عليه وآله» المنقذ والمخرج لهم من الظلمات إلى النور ، ومن الموت إلى الحياة ، مع عدم وجود هوى سياسي أو مذهبي يقتضي إبهام ذلك ، أو إجماله ، أو التلاعب فيه.
وأغرب من ذلك كله ، هو اختلافهم في الكثير الكثير من الأمور التي كانوا يمارسونها مع النبي «صلى الله عليه وآله» عدة مرات يوميا ، طيلة سنين عديدة ، حتى إنك لتجدهم يروون المتناقضات عنه «صلى الله عليه وآله» في أفعال الوضوء والصلاة ، وهم كانوا يؤدونها معه «صلى الله عليه وآله» خمس مرات في كل يوم.
بل قد تجد بعضهم يقول : إنهم إنما كانوا يعرفون أنه «صلى الله عليه وآله» يقرأ في صلاة الظهر والعصر من اضطراب لحيته (١).
أما اختلافهم في الأذان الذي كانوا يتربّون على سماعه منذ صغرهم ، فذلك ظاهر أيضا ، كما أشار إليه الأربلي «رحمه الله».
وإذن .. فما هو مدى معرفتهم بتلك الأحكام التي يقل الابتلاء بها ، والتعرض لها عادة يا ترى؟!.
__________________
(١) صحيح البخاري (ط سنة ١٣٠٩ ه) ج ١ ص ٩٠ و ٩٣ ، ومسند أحمد بن حنبل ج ٦ ص ٣٩٥ وج ٥ ص ٢٠٩ و ١٨٢ و ١١٢ وجواهر الأخبار والآثار (مطبوع بهامش البحر الزخار) : ج ٢ ص ٢٤٧ عن الانتصار ، وأبي داود ، والترمذي ، والنسائي ، والبخاري والسنن الكبرى للبيهقي ج ٢ ص ٣٧ و ٥٤ عن الصحيحين والبحر الزخار ج ٢ ص ٢٤٧.