وأما حلف الفضول ، الذي هو أشرف حلف في العرب ، فمصدره في الحقيقة بنو هاشم ، وكذا حلف عبد المطلب مع خزاعة ، فلا يعبر هذان الحلفان عن خلقيات سائر العرب.
وقد اتضح من كل ما تقدم : أن كل تلك الصفات إنما تكون جديرة بأن تعتبر فضائل أخلاقية ، وصفات إنسانية ، حينما تصدر عن خلق فاضل ، وإنسانية كريمة ، أو عن تقوى وشعور ديني ، وإلا فقد تكون على العكس من ذلك ، إذا عبرت عما يناقض ذلك وينافيه.
الإسلام وتلك الصفات :
لقد حاول الإسلام أن يضع تلك الصفات في خطها الصحيح ، وأن يجعلها تنطلق من قواعد إنسانية ، وعواطف صافية وحقيقية ، وفضائل أخلاقية ، وبالأخص من إحساس ديني صحيح ، وليستفيد منها ـ من ثم ـ في بناء الأمة على أسس صحيحة وسليمة.
أما ما كان منها لا يصلح لذلك ، فقد كان يهتم بالقضاء عليه ، واستئصاله بالحكمة ، والموعظة الحسنة ، كلما سنحت له الفرصة ، وواتاه الظرف.
فمثلا ، نلاحظ : أنه قد حاول أن يجعل المنطلق للكرم ، وبذل المال ، هو العاطفة الإنسانية ، والشعور بحاجة الآخرين ، كما يظهر من كثير من النصوص ، هذا بالإضافة إلى طلب الأجر والمغفرة من الله تعالى ، وذلك هو صريح قوله تعالى : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ، إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً)(١) بل لقد تعدى ذلك
__________________
(١) الآيتان ٨ و ٩ من سورة الإنسان.