وتخطاه إلى تمدح الإيثار على النفس ، حتى في موقع الخصاصة والحاجة الملحة ، فقال تعالى : (وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ)(١).
أما العصبيات القبلية ، فقد حاول أن يوجهها وجهة بناءة ويقضي على كل عناصر الشر والانحراف فيها ، فدعا إلى بر الوالدين ، وإلى صلة الرحم ، وجعل ذلك من الواجبات ، حينما يكون سببا في تلاحم وربط المجتمع بعضه ببعض.
ولكنه أدان كل تعصب لغير الحق ، وندد به ، وعاقب عليه ، واعتبر ذلك من دعوات الجاهلية المنتنة ، كما هو صريح بعض النصوص التي سنشير إليها في السيرة النبوية ، إن شاء الله تعالى.
وكذلك فإنه قد حاول أن يوجه الشدة والقسوة إلى حيث تكون في صالح الدين والإنسان ، ومثمرة للحق والخير ، ومن سبل الحفاظ عليهما.
والنصوص الدالة على ذلك كثيرة جدا ، ويكفي أن نشير إلى قوله تعالى : (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ)(٢) وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ)(٣) و (قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً)(٤).
والآيات والروايات في هذا المجال كثيرة جدا ، فهو يريد الشدة في دفع
__________________
(١) الآية ٩ من سورة الحشر.
(٢) الآية ٢٩ من سورة الفتح.
(٣) الآية ٧٣ من سورة التوبة.
(٤) الآية ١٢٣ من سورة التوبة.