الظلم والانحراف ، والحفاظ على الحق ، وأن لا تأخذ المؤمن في الله لومة لائم ، ويريد أن تتحول هذه الشدة إلى رحمة وحنان وسلام فيما بين المؤمنين أنفسهم.
وهكذا يقال بالنسبة إلى سائر الصفات المتقدمة ، فإن من يراجع النصوص القرآنية ، والأحاديث الواردة عن النبي «صلى الله عليه وآله» وعن آله المعصومين «عليهم السلام» ، لا يبقى لديه أدنى شبهة فيما ذكرناه من أن الإسلام قد صب كل اهتمامه على توجيه الصفات الحسنة ، والتصرف في دوافعها وأهدافها ، وجعلها تصب في مصلحة الدين والأمة ، والقضاء على الصفات الذميمة ، التي تقضي على سعادة البشر ، وتهدم بناء الحق الشامخ.
ولسوف يأتي في الفصل الثالث ، حين الكلام عن العوامل التي ساعدت على انتشار الإسلام وانتصاره ، أن هذه المميزات والخصائص قد أدت دورا هاما في ذلك ، فإلى هناك.
متى كان بناء مكة؟!
لا نستطيع أن نحدد بدقة تاريخ بناء مكة ، واتساعها حتى صارت جديرة باسم : «أم القرى».
وقد يقال : إن بدء بنائها كان قبل بناء إبراهيم «عليه السلام» للبيت ، حسبما تشير إليه بعض الروايات ، بل ويدل عليه قول الله تعالى حكاية عن إبراهيم : (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً)(١).
وعليه ، فما يحاول البعض إثباته ، من أن قصيا هو أول من بنى مكة ،
__________________
(١) الآية ٣٥ من سورة إبراهيم.