نظرة في كلمات أبي طالب :
وخطبة أبي طالب المتقدمة تظهر مكانة الرسول الفضلى في قلوب الناس ، وهي صريحة في أن الناس كانوا يجدون في الرسول علامات النبوّة ونور الهداية ، ويتوقعون أن يكون هو الذي بشر به عيسى وموسى «عليهما السلام» ، وأنه كان لا يوزن به أحد إلا رجح به ، ولا يقاس به رجل إلا عظم عنه.
ثم إن كلمات أبي طالب تدل دلالة واضحة على ما كان يتمتع به بنو هاشم ، من شرف وسؤدد ، حتى ليقول «رحمه الله» : وجعلنا الحكام على الناس.
وتدل أيضا : على أن العرب كانت تعتبر الحرم موضع أمن للقاصي والداني ، وقد تقدم ما يدل على ذلك أيضا.
ثم إن حديثه عن فقر النبي «صلى الله عليه وآله» ، وإعطاء الضابطة للتفضيل بين الرجال ، يدل على واقعية أبي طالب ، وأنه ينظر إلى الإنسان بمنظار سام ونبيل ، كما أنه يتعامل مع الواقع بحنكة ووعي وأناة.
وبعد ، فإن كلماته تلك تدل أيضا : على أن قريشا كانت تعتبر انتسابها إلى إبراهيم وإسماعيل ، وسدانتها للبيت ، كل شيء بالنسبة لها ، وقد أشرنا إلى هذا الأمر في الفصل الأول.
__________________
ـ ج ٢ ص ٢٠ ، والأوائل لأبي هلال ج ١ ص ١٦٢ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٢٦٤ والمواهب اللدنية ج ١ ص ٣٩ وبهجة المحافل ج ١ ص ٤٨ والسيرة النبوية لدحلان ج ١ ص ٥٥.