نعم ، هذا هو البداء الذي تعتقد به الشيعة تبعا لأئمتهم «عليهم السلام».
وأما البداء بمعنى ظهور رأي جديد له تعالى بعد أن لم يكن يعلم به أولا ، أو بمعنى أن يعمل تعالى عملا ثم يندم عليه ، حيث ظهر له أن المصلحة كانت في خلاف ذلك ، أما البداء بهذا المعنى فهو محال على الله ، ولم يقل به الشيعة أبدا ، كيف؟! وهم أتباع أمير المؤمنين علي «عليه السلام» منشئ نهج البلاغة المشحون بالمعاني التي يعجز العقل البشري عن إدراكها ؛ علي الذي تعلم الناس منه ومن أبنائه المعصومين تنزيه الله تعالى عن كل نقص ، وأخذوا عنه أدق المعارف حول الله وصفاته سبحانه وتعالى ..
وقد نقل عن الصادق «عليه السلام» قوله : من زعم أن الله يبدو له في شيء ، ولم يعلمه أمس ، فابرؤوا منه (١).
وعنه «عليه السلام» : من زعم أن الله بدا له في شيء بداء ندامة ؛ فهو عندنا كافر بالله العظيم (٢).
التوضيح والتطبيق :
وتوضيح ذلك : أن الله عز وجل يقدر لزيد من الناس مثلا رزقا معينا ، أو عمرا معينا ، بحسب ما تقتضيه طبيعته وسجيته ، واستعداده الذاتي وفقا للسنن التي أودعها في مخلوقاته لتجري بها الأمور ، ولكنه يعلم أنه سوف
__________________
(١) البحار : ج ٤ ص ١١١ ، والاعتقادات للصدوق ، باب الاعتقاد بالبداء ، وميزان الحكمة ج ١ ص ٣٨٩.
(٢) الاعتقادات للصدوق رحمه الله ـ باب الاعتقاد بالبداء ، وراجع : هامش البحار : ج ٤ ص ١٢٥.