يتصدق فيكون ذلك سببا في زيادة رزقه المقدر له أولا بقطع النظر عن هذه الصدقة ، أو سوف يبر بوالديه فيزيد عمره لذلك كذلك ، والله يعلم بذلك كله من أول الأمر.
وقد تقتضي المصلحة أن يطلع الله نبيه «صلى الله عليه وآله» على المقتضي لوجود شيء ، من دون أن يطلعه على ما سوف يجد في المستقبل له من الموانع ، أو ما سوف يفقده من شرائط ، فيخبر النبي «صلى الله عليه وآله» الناس عنه على تلك الصفة.
ثم بعد ذلك يطلع تعالى النبي «صلى الله عليه وآله» على أنه يوجد مانع ، أو أن المقتضيي يحتاج إلى توفر شرائط ومناخات معينة مفقودة فعلا ، مع علم الله سبحانه بكل ذلك أولا وآخرا ؛ فإن لله علما اختص به ، وعلما يطلع عليه نبيه أو يثبته في لوح المحو والإثبات ، وقد أشار إلى هذين العلمين ، في قوله تعالى : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ)(١) فمثلا ، لو بنينا بيتا ، وكان بحسب طبعه صالحا للبقاء مئة سنة مثلا ، ولكنه ربما ترد عليه عواصف ، أو زلازل ، أو سيول ، أو نحوها ؛ تمنع من بقائه هذه المدة ، ويتلاشى في مدة عشر سنوات مثلا.
فلو أخبرنا الناس : أن هذا البيت يبقى مئة سنة ، مع علمنا بأنه سيتلاشى بسبب سيل يأتي من الناحية الفلانية ، يصل إليه بعد عشرة أيام ، ثم أخبرنا ثانيا : بأن البيت سيهدم بعد عشرة أيام ، فإن كلا من الخبرين يكون صحيحا .. وقد يترتب على إخبارنا الأول مصلحة هامة لا غنى عن تحققها في موطنها.
__________________
(١) الآية ٣٩ من سورة الرعد.