فإذا ثبتت هذه الروايات بعد التأكد من أسانيدها ودلالتها ، فما علينا إذا اعتقدنا بما دلت عليه من حرج.
وفي جميع الأحوال نقول : إن مما لا ريب فيه أنه «صلى الله عليه وآله» كان مؤمنا موحدا ، يعبد الله ، ويلتزم بما ثبت له أنه شرع الله تعالى مما هو من دين الحنيفية شريعة إبراهيم «عليه السلام» ، وبما يؤدي إليه عقله الفطري السليم ، وأنه كان مؤيدا ومسددا ، وأنه كان أفضل الخلق وأكملهم خلقا ، وخلقا وعقلا ، وكان الملك يعلمه ، ويدله على محاسن الأخلاق.
هذا فضلا عن أننا نجدهم ينقلون عنه «صلى الله عليه وآله» : أنه كان يلتزم بأمور لا تعرف إلا من قبل الشرع وكان لا يأكل الميتة ، ويلتزم بالتسمية والتحميد ، إلى غير ذلك مما يجده المتتبع لسيرته «صلى الله عليه وآله».
ملة أبيكم إبراهيم :
بل إننا نقول : إن هناك آيات ودلائل تشير إلى أن إبراهيم الخليل «عليه السلام» ونبينا الأكرم «صلى الله عليه وآله» ، هما اللذان كان لديهما شريعة عالمية ، وقد بعثا إلى الناس كافة.
أما موسى وعيسى «عليهما السلام» فإنما بعثا إلى بني إسرائيل ، وربما يمكن القول : بأن جميع الأنبياء «عليهم السلام» ، منذ آدم وإلى النبي الخاتم «صلى الله عليه وآله» كانوا يعرفون جميع أحكام الشريعة ، ويعملون بها في أنفسهم ، وإن كانت دعوتهم للناس ليس لها هذا الشمول والسعة.
كما إننا نلاحظ : أن الآيات القرآنية العديدة قد حرصت على ربط هذه الأمة بإبراهيم «عليه السلام» فلاحظ قوله تعالى :
(وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ