رثيت به أصحابك والذين قتلوا بفخّ؟ (١) ، قال : قد قلت :
بنو عمنا ردّوا فضول دمائنا |
|
ينم ليلكم أو لا تلمنا اللوائم |
قال : فقال العباس : أما والله لا تردّ عليك أبدا ، فقال موسى بن عبد الله : ذلك إذا كان الأمر إليك فصدقت.
قال القاضي : قوله ينم ليلكم : أي تأمنون بأسنا ، والأخذ بثأرنا ، وتنامون في ليلكم (٢) آمنين غير خائفين وتستقر بكم مضاجعكم ، والعرب تقول : ليل نائم ، وسرّ كاتم ، يريد ليل منوم فيه ، وسرّ مكتوم ، كما قال الشاعر (٣) :
لقد (٤) لمتنا يا أم غيلان (٥) في السّرى |
|
ونمت ، وما ليل المطيّ بنائم |
وقال (٦) آخر :
إنّ الذين قتلتم أمس (٧) سيّدهم |
|
لا تحسبوا ليلهم عن ليلكم ناما |
وقال آخر :
حارث قد جلّيت (٨) عنّي غمي |
|
فنام ليلي وتجلّى همّي |
يريد أنهم لم يناموا عن وترهم ، وأنهم طالبون له متيقظون للسعي (٩) في إدراكه ، وهذا النحو من مجاز العربية كثير في اللغة ، فصيح عند العلماء بها ، مطّرد مستمرّ فيها.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد ، نا ـ وأبو منصور بن خيرون ـ ، أنا أبو بكر الخطيب (١٠) ، أنا الحسن بن أبي بكر ، أنا الحسن بن محمّد بن يحيى العلوي ، حدّثني جدي قال : ودخل موسى بن عبد الله يوما على الرشيد ثم أخرج من عنده ، فعثر بالبساط ، فسقط ، فضحك الخدم ، وضحك الجند ، فلمّا قام التفت إلى هارون فقال : يا أمير المؤمنين إنه ضعف صوم لا ضعف سكر.
__________________
(١) فخ : واد بمكة.
(٢) من قوله : أي ... إلى هنا ليس في الجليس الصالح.
(٣) هو جرير ، والبيت في ديوانه ص ٤١٩ من قصيدة يجيب الفرزدق.
(٤) الأصل ود ، و «ز» : قد ، والمثبت عن م ، والديوان ، والجليس الصالح.
(٥) أم غيلان هي ابنة جرير.
(٦) من هنا إلى آخر البيت التالي سقط من م.
(٧) الأصل وم ، ود ، و «ز» : «ام» والمثبت عن الجليس الصالح.
(٨) الجليس الصالح : فرجّت.
(٩) في الجليس الصالح : «منقطعون للسعي» وفي م : للشعبي.
(١٠) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٣ / ٢٦ ـ ٢٧.