جمادى الآخرة. ووادع فيها بنى مدلج وحلفاءهم من بنى ضمرة ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيدا.
وبعث سرية فيما بين ذلك من غزوة سعد بن أبى وقاص فى ثمانية رهط من المهاجرين ، فبلغ الخرّار من أرض الحجاز ، ثم رجع ولم يلق كيدا.
ولم يقم رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالمدينة حين قدم من غزوة العشيرة (١) إلا ليالى قلائل لا تبلغ العشر ، حتى أغار كرز بن جابر الفهرى (٢) على سرح المدينة.
فخرج صلىاللهعليهوسلم فى طلبه حتى بلغ واديا يقال له : سفوان من ناحية بدر ، وفاته كرز فلم يدركه. وهى غزوة بدر الأولى.
ثم رجع إلى المدينة.
وبعث عبد الله بن جحش بن رئاب الأسدي (٣) فى رجب مقفلة من تلك الغزاة ، وبعث معه ثمانية رهط من المهاجرين ، وهم : أبو حذيفة بن عتبة ، وسعد بن أبى وقاص ، وعكاشة بن محصن ، وعتبة بن غزوان ، وعامر بن ربيعة ، وواقد بن عبد الله التميمى ، وخالد بن البكير ، وسهيل بن بيضاء. وكتب له كتابا وأمره أن لا ينظر فيه حتى يسير يومين ثم ينظر فيه فيمضى لما أمره به ، ولا يستكره من أصحابه أحدا.
فلما سار عبد الله يومين فتح الكتاب فإذا فيه : «إذا نظرت فى كتابى هذا فامض حتى تنزل نخلة بين مكة والطائف ، فترصد بها قريشا وتعلم لنا من أخبارهم».
فقال عبد الله : سمعا وطاعة ، ثم قال لأصحابه : قد أمرنى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن أمضى إلى نخلة أرصد فيها قريشا حتى آتيه منهم بخبر ، وقد نهانى أن أستكره أحدا منكم ، فمن كان منكم يريد الشهادة ويرغب فيها ، فلينطلق ، ومن كره ذلك فليرجع ، فأما أنا فماض لأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
فمضى ومضى معه أصحابه ، لم يختلف عنه منهم أحد ، وسلك على الحجاز حتى إذا
__________________
(١) راجع هذه الغزوة فى : المغازى للواقدى (١ / ١٢ ، ١٣) ، طبقات ابن سعد (٢ / ١ / ٤ ، ٥) ، تاريخ الطبرى (٢ / ٤٠٨) ، البداية والنهاية (٣ / ٢٤٦).
(٢) انظر ترجمته فى : الإصابة ترجمة رقم (٧٤٠٩) ، أسد الغابة ترجمة رقم (٤٤٤٩).
(٣) انظر ترجمته فى : الثقات (٣ / ٢٣٧) ، صفوة الصفوة (١ / ٣٨٥) ، حلية الأولياء (١ / ١٠٨ ، ١٠٩) ، شذرات الذهب (١ / ٥٤) ، تجريد أسماء الصحابة (١ / ٣٠٢) ، تهذيب التهذيب (٥ / ١٤٣) ، الجرح والتعديل (٥ / ٢٢ ، ١٠١).