فبينا هو كذلك محبوس بالمدينة عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذ خرج سعد بن النعمان بن أكال أخو بنى عمرو بن عوف معتمرا ، ومعه مرية له ، وكان شيخا مسلما فى غنم له بالبقيع ، فخرج من هنالك معتمرا ولا يخشى الذي صنع به ، لم يظن أنه يحبس بمكة ، إنما جاء معتمرا ، وقد كان عهد قريشا لا يعرضون لأحد جاء حاجا أو معتمرا إلا بخير ، فعدا عليه أبو سفيان بن حرب بمكة فحبسه بابنه عمرو. ثم قال :
أرهط ابن أكال أجيبوا دعاءه |
|
تعاقدتم لا تسلموا السيد الكهلا |
فإن بنى عمرو لئام أذلة |
|
لئن لم تفكوا عن أسيرهم الكبلا |
فأجابه حسان بن ثابت فقال : |
||
ولو كان سعد يوم مكة مطلقا |
|
لأكثر فيكم قبل أن يؤسر القتلا |
بعضب حسام أو بصفراء نبعة |
|
تحن إذا ما أنبضت تحفز النبلا |
ومشى بنو عمرو بن عوف إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأخبروه خبره ، وسألوه أن يعطيهم عمرو بن أبى سفيان ، فيفكوا به صاحبهم ، ففعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم فبعثوا به إلى أبى سفيان ، فخلى سبيل سعد.
وكان فى الأسارى ـ أيضا ـ أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس ، ختن رسول الله صلىاللهعليهوسلم زوج ابنته زينب ، وكان صلىاللهعليهوسلم يثنى عليه فى صهره خيرا ، وكان من رجال مكة المعدودين مالا وأمانة وتجارة ، وهو ابن أخت خديجة ـ رضى الله عنها ـ وهى سألت رسول الله صلىاللهعليهوسلم قبل أن ينزل عليه الوحى أن يزوجه ، وكان لا يخالفها ، فزوجه ، وكانت تعده بمنزلة ولدها.
فلما أكرم الله رسوله صلىاللهعليهوسلم بنبوته ، آمنت به خديجة وبناته ، فصدقنه ودن بدينه ، وشهدن أن الذي جاء به هو الحق ، وثبت أبو العاص على شركه.
فلما بادى رسول الله صلىاللهعليهوسلم قريشا بأمر الله تبارك وتعالى وبالعداوة ، قالوا : إنكم فرغتم محمدا من همه ، فردوا عليه بناته فاشغلوه بهن. فمشوا إلى أبى العاص فقالوا له : فارق صاحبتك ونحن نزوجك أى امرأة من قريش شئت. قال : لا ها الله ، إذا لا أفارق صاحبتى ، وما أحب أن لى بها امرأة من قريش.
ثم مشوا إلى عتبة بن أبى لهب وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد زوجه رقية أو أم كلثوم ، فقالوا له : طلق ابنة محمد ونحن ننكحك أى امرأة من قريش شئت ، فقال : إن زوجتمونى ابنة أبان بن سعيد بن العاص ، أو ابنة سعيد بن العاص فارقتها. فزوجوه بنت سعيد بن