وأبو البركات الأنماطي ، قالوا : أخبرنا أبو الحسين بن الطّيّوري ، أنا أبو محمّد الجوهري.
قالوا : أخبرنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أبو بكر محمّد بن خلف بن المرزبان ، أخبرني جعفر بن علي اليشكري ، أخبرني الرياشي ، أخبرني العتبي قال :
دخل نصيب على عبد العزيز بن مروان فقال له : هل عشقت يا نصيب؟ قال : نعم ، جعلني الله فداك ، من العشق أقلبتني (١) إليك البادية ، قال : ومن؟ قال : جارية لبني مذحج (٢) ، فأحدق بها الواشون ، فكنت لا أقدر على كلامها إلّا بعين أو إشارة ، وأجلس لها على الطريق حتى تمرّ بي ، فأراها ففي ذلك أقول :
جلست لها كيما تمرّ لعلّني |
|
أخالسها التسليم إن لم تسلّم |
فلمّا رأتني والوشاة تحدرت |
|
مدامعها خوفا ولم تتكلّم |
مساكين أهل العشق ما كنت مشتري (٣) |
|
حياة جميع العاشقين بدرهم |
فقال له عبد العزيز : ويحك يا نصيب ، ما فعلت المدلجية؟ قال : اشتريت وأولدت ، قال : فهل في قلبك منها شيء؟ قال : عقابيل أوجاع.
أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله ـ مناولة وإذنا ، وقرأ عليّ إسناده ـ أنا محمّد بن الحسين ، أنا المعافى بن زكريا (٤) ، أنا إبراهيم بن محمّد بن عرفة الأزدي ، نا أحمد بن يحيى ، نا الزبير ، نا محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن عبد الله ، عن معاذ صاحب الهروي ، قال :
دخلت مسجد الكوفة ، فرأيت رجلا لم أر قط أنقى ثيابا منه ، ولا أشدّ سوادا فقلت له : من أنت؟ قال : أنا نصيب ، فقلت : أخبرني عنك وعن أصحابك ، قال : جميل إمامنا ، وعمر أوصفنا لربّات الحجال ، وكثيّر أبكانا على الأطلال ، والدمن ، وقد قلت ما سمعت ، قلت : فإن الناس يزعمون أنك لا تحسن أن تهجو ، قال : فأقروا لي أنّي أحسن المدح؟ قلت : نعم ، قال : أفترى أني لا أحسن أن أجعل مكان عافاك الله أخزاك الله؟ قلت : بلى ، قال : ولكني رأيت الناس رجلين : رجلا لم أسأله فلا ينبغي أن أهجوه فأظلمه ، ورجلا سألته فمنعني فكانت نفسي أحق بالهجاء إذ سوّلت لي أن أطلب منه. (٥)
__________________
(١) الأصل : أقبلتني ، والمثبت عن «ز» ، وم.
(٢) كذا بالأصل ، وفي م و «ز» هنا : مدلج.
(٣) كذا بالأصل وم و «ز» : مشتري.
(٤) رواه المعافى بن زكريا الجريري القاضي في الجليس الصالح ٣ / ١٤٣ ـ ١٤٤.
(٥) ومن طريق محمد بن الحسن بن دريد رواه الأصفهاني في الأغاني ١ / ٣٥٥.