فصل [الأولياء في اليمن والعلماء الأخيار والفضلاء الأبرار فيه]
وأما من ظهر فيه من الأولياء فمنهم الخضر وهو العبد الصالح الذي ذكره الله تعالى في سورة الكهف ، وأخبر عن قصته هو وموسى بن عمران عليهالسلام (١٣٧) ، وهو الخضر بن ملكان بن يقطن بن هود ، وقد اختلف العلماء ؛ هل هو نبي أم ولي؟ قالوا : والصحيح أنه ولي. واختلفوا أيضا هل هو حي أو ميت؟ والصحيح عند الجمهور من المحققين أنه حي ، وبه قطع الأولياء ، ورجحه الفقهاء والأصوليون وأكثر المحدثين رضي الله تعالى عنهم أجمعين (١٣٨). وممن حكى ذلك عن جميع المذكورين الشيخ العارف محيي الدين النووي رضي الله تعالى عنه وقرره (١٣٩).
__________________
(١٣٧) تراجع قصته مع موسى عليهالسلام في القرآن الكريم في سورة [الكهف ١٨ / ٦٥ ـ ٨٢] والخضر : لقب له سمي به لأنه جلس على فروة بيضاء ، فإذا هي تهتز تحته خضراء ، والفروة قطعة نبات مجتمعة يابسة ، أما اسمه ففي تفسير الخازن ٣ / ٢٠٥ أنه إيليا بن ملكان ، وكنيته أبو العباس ، وكان من بني إسرائيل ، وقيل كان من أبناء الملوك الذين تزهدوا وتركوا الدنيا ، وقد ورد اسمه في الأصل : الخضر بن ما كان وهو تحريف.
(١٣٨) هو ليس بحيّ عند المحققين ، وإنما هو ميت لقوله سبحانه وتعالى : (وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ) [الأنبياء ٢١ / ٣٤] ولقول النبي صلىاللهعليهوسلم بعد ما صلى العشاء ليلة : «أرأيتكم ليلتكم هذه ، فإن على رأس مئة سنة منها لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد» (مسلم ٧ / ١٨٧) ، ولو كان الخضر حيّا لكان لا يعيش بعد النبي صلىاللهعليهوسلم تصديقا لقوله تعالى في سورة الأنبياء أعلاه.
(١٣٩) ذكر ذلك النووي في كتابه تهذيب الأسماء ، وقال ابن كثير في تفسيره (تفسير ابن كثير ، سورة الكهف ١٨ / ٨٢) : حكى النووي وغيره في كون الخضر باقيا إلى الآن ، ثم إلى يوم القيامة قولين ، ومال هو وابن الصلاح إلى بقائه ، وذكروا في ذلك حكايات وآثارا عن السلف وغيرهم ، وجاء ذكره في بعض الأحاديث ولا يصح شيء من ذلك ، وأشهرها أحاديث التعزية ، ورجح آخرون من المحدثين وغيرهم خلاف ذلك ، كما ذكرنا في التعليق السابق برقم (١٣٨) إلى غير ذلك من الدلائل [ابن كثير ٤ / ٤١٦] ويراجع أيضا (مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر ط دار ـ الفكر ٨ / ٥٧ ـ ٧١).