وصفاء الباطن ، وظهرت له كرامة وصار ذلك مريدا ليقينه ، ودعوته إلى صدق المجاهدة والمعاملة مع الله تعالى بالصدق والإخلاص والزهد في الدنيا ، والتخلق بالأخلاق الحميدة.
قالوا : إن العبد إذا انقطع إلى الله سبحانه وتعالى ، واعتزل عن الناس قطع مسافات وجوده ، واستنبط من نفسه جواهر العلوم ، وقد ورد في الحديث عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال : «الناس معادن كمعادن الذهب والفضة خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام ، إذا فقهوا» (٢٠). نسأل الله تعالى العافية والسلامة ، من العمل بما يوجب الندامة. آمين آمين.
القصة الثانية [في ظهور مدع للعزلة فاعل كل ذميم ومنكر] :
ظهر رجل غريب دخل مسجدا في جبل بني سليمان (٢١) ، وأغلق بابه ، ومنع الناس من دخوله ، وأتى بتلبيسات وتلبسات (٢٢) يريد أن يلبس بها على المسلمين ، ويستجلب بها قلوب الجاهلين ، احتيالا منه على كسب الدنيا بتلبسات يصورها :
وأما الأولى : إنه لما دخل المسجد وطلب الناس منه أن يدخلوا إليه قال : أنا رجل أحب العزلة عن الناس مخافة أن يفسدوا عليّ ديني.
الثانية : إنه أخرج فرش المسجد وجعلها مظلة للوافد.
__________________
(٢٠) الحديث ، رواه (البخاري ٢ / ٣٤ ، و٢٤٢ و٢٧٨) و (مسلم ٧ / ١٨١) و (أحمد ٢ / ٥٣٩).
(٢١) جبل بني سليمان : في المخلاف السليماني (طرفة الأصحاب ١٠٨) ، والمخلاف السليماني كما ورد في هامش على كتاب العقيق اليماني في وفيات وحوادث المخلاف السليماني لعبد الله بن علي بن النعمان الشقيري الضمدي ، بخط (الشيخ محمد نصيف) : أن المخلاف السليماني هو (جيزان وصبيا وأبو عريض وما حول ذلك من البلدان). (الأعلام ٨ / ٣٢٣).
(٢٢) تلبيسات وتلبسات : أباطيل وأوهام.