فصل [في كرم طبيعة عمرو بن معديكرب الزبيدي وحسن عقيدته]
وأما كرم طبيعته وحسن عقيدته فإن هؤلاء المذكورين الذين أسرهم أقاموا في سجنه زمانا طويلا ، ثم سألوه الفكاك ففكهم.
وأما حسن عقيدته فإنه لما جاء الله بالإسلام كتب إليه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يدعوه إلى الإسلام وإلى الهدى فلما جاءه كتابه أسلم ، وجعل الكتاب في حقّ من عاج ودفنه في المسك ، ثم قال : يا بني زبيد ، لا تزالون بخير ما بقي بين أظهركم ، ثم قال : إني أريد المضي إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ، ولكن بيني وبين العرب ضغائن ، وأقام سنة وهو يهم بالوصول إليه ، ثم لما مضت السنة التي توفي بها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ، ولم يجتمع به ، فحزن حزنا شديدا ، وبقي حتى أتت خلافة عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ، فكتب إليه عمر بن الخطاب يستعين به وبأصحابه في نصر المسلمين فسمع وأطاع ، ووصل إلى عمر رضي الله تعالى عنه في جماعة وافرة ، فأمره عمر بن الخطاب أن يمضي إلى العراق لمعونة المسلمين ، فكتب معه :
بسم الله الرحمن الرحيم ، من عمر بن الخطاب إلى سعد بن أبي وقاص (٤٣) صاحب ثغر المسلمين.
__________________
(٤٣) سعد بن أبي وقاص مالك بن أهيب بن عبد مناف القرشي الزهري ، أبو إسحاق (٢٣ ق. ه ـ ٥٥ ه) ـ (٦٠٠ ـ ٦٧٥ م) ، الصحابي الأمير ، فاتح العراق ومدائن كسرى ، وأحد الستة الذين عينهم عمر للخلافة ، وأول من رمى بسهم في سبيل الله ، وأحد العشرة المبشرين بالجنة ، ويقال له فارس الإسلام ، أسلم وهو ابن ١٧ سنة ، وشهد بدرا وافتتح القادسية ، ونزل أرض الكوفة ، فجعلها خططا لقبائل العرب ، وابتنى بها دارا فكثرت الدور فيها ، وظل واليا عليها مدة عمر بن الخطاب ، وأقره عثمان زمنا ، ثم عزله ، فعاد إلى المدينة ، فأقام قليلا وفقد بصره ، مات في قصره بالعقيق على عشرة أميال من المدينة ، وحمل إليها ، له في كتب الحديث ٢٧١ حديثا (الأعلام ٣ / ٨٧).