سلام الله عليك ، أما بعد :
فقد بعثت إليك بألف فارس وهو عمرو بن معدي كرب يقوم مقامها ، فادفع إليه أعنة الخيل وشاوره في جميع أمور الحرب ، فإنه شجاع مجرب ولا توله شيئا من أحكام المسلمين ، فإنه حديث عهد بالجاهلية (٤٤).
فلما وصل إلى سعد بن أبي وقاص ، وهمّ في حصار القادسية ، سرّ بوصوله المسلمين ، فلما نشبت الحرب بين الصفين قال : معاشر المسلمين لا يهي جلدكم (٤٥) ولا يدخل بقلوبكم الرعب من الأعاجم ، خذوا على أثري ، وإن عدمتموني فذلك ، وإن أدركتموني وجدتموني قائما ، وفي يدي السيف.
ثم حمل في صف الأعاجم فستره الغبار ، وحمل المسلمون بعده فوجدوه قائما على رجليه / في وسط العجاج ، والسيف بيده ، وقد غرقت رجلاه بالدم ، وفرسه مطعون لا يستطيع القتال ، فلما وصل إليه أصحابه لزم برجل فرس لبعض الأعاجم ، ورمى براكبه وقتله ، وركب الفرس ، وعاد إلى صف المسلمين.
ثم نادى معاشر المسلمين ، لا تهولنكم الأعاجم فإن قيمة أحدهم المزراق (٤٦) الذي في يده ، فإذا ألقاه بقي كالتيس الذي كسر قرناه.
فدفع إليه سعد بن أبي وقاص عشرة رؤوس من الخيل كانت تقاد بين يديه ، وبأحدها عشرة أسهم من الغنيمة ، وفتح ذلك اليوم للمسلمين على يديه بقبض القادسية.
__________________
(٤٤) لم يشر المصنف إلى ارتداده عن الإسلام ثم عودته إليه ، ثم جهاده في سبيل الله صادقا في سلسلة الغزوات المباركة ، ويراجع في ذلك : (ديوانه ١٥ ـ ٢٠) ، و (تاريخ الطبري ٢ / ٤٦٦ ، ٥٣٨) ، و (معجم الشعراء للمرزباني ١٦) ، و (السيرة النبوية لابن هشام ٢ / ٥٨٥) ، وغيرها من المصادر التي اعتمد عليها محقق الديوان.
(٤٥) لا يهي جلدكم : لا يضعف صبركم.
(٤٦) المزراق : الرمح القصير.