ولما سقط السلطان عامر الثاني وأخوه عبد الملك في نقم قرب صنعاء في قتالهما قوات الأمير حسين الكردي الجركسية تأثّر ابن الديبع لمصرعهما فرثاهما حزينا متألما بقوله :
أخلاي ، ضاع الدين من بعد (عامر) |
|
وبعد أخيه أعدل الناس بالناس |
فمذ فقدا ، والله ، والله ، إننا |
|
من الأمن والإيناس في غاية الياس |
وفاته : ولم يزل ابن الديبع بعدهما على الإفادة وملازمة بيته ومسجده لتدريس الحديث والعبادة ، واشتغاله بخصوصيته عما لا يعنيه ، حتى كانت وفاته ، وانتقل إلى رحمته تعالى بمدينة زبيد في ضحى يوم الجمعة السادس والعشرين من شهر رجب سنة (٩٤٤ ه ـ ١٥٣٧ م) ، وصلي عليه في جامع الأشاعرة ، ودفن بتربة (باب سهام) عند قبة (الشيخ إسماعيل الجبرتي) ، وخلفه ولده (علي) يقرأ الحديث عوضه في جامع زبيد الكبير رحمهما الله تعالى.
جهاده : عاصر ابن الديبع ما جرى في اليمن والعالمين العربي والإسلامي من وقائع ، ولا سيما غارات البرتغاليين على اليمن ، ومهاجمتهم للسفن اليمنية وركابها ونهبهم ما عليها من حمولة وأسرهم التجار ، واستعبادهم لأحرار المسلمين ، وقتلهم النفوس البريئة ولواذهم بالفرار ، فآلمه ذلك ، وثار حمية لدين الله تعالى ، ودعا للجهاد عزة للإسلام والمسلمين ، ويشهد على ذلك خطبته التي خاطب بها جماهير اليمنيين المؤمنين وهو يحضهم على الدفاع عن البلاد ، وفيها يقول :
«إخواني ، يا لها صفقة خطيرة في بيع هذه الأنفس الحقيرة ، المشتري فيها ربّ العالمين ، والواسطة فيها سيد المرسلين ، والثمن (جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) [آل عمران ٣ / ١٣٣] ، فأوجبوا رحمكم الله صفقة هذا البيع الرابح بالثمن الجزيل الراجح ، ف (لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ) [الصافات ٣٧ / ٦١] ، (وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ) [المطففون ٨٣ / ٢٦].
فالجهاد الجهاد ، أيها المؤمنون!! الجنة الجنة ، أيها الموقنون!! وقاتلوا دون أنفسكم وأموالكم أعداء الله الفجار ، وارفعوا عن أنفسكم شؤم العار والنار ، فقد جاؤوكم (يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) [المجادلة ٥٨ / ٥] بكفرهم ، ويستأصلون شأفة الإسلام والمسلمين بمكرهم ، و (قَدْ