ثم نصروا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في جميع المواطن ، ولم يكن لهم عسكر حتى صار بينهم فسماهم الأنصار ، فصار ذلك ألزم لهم من النسب والاسم.
فهذه فضائل خصهم الله تعالى بها ثم جرى له (٧٨) ولهم صلى الله تعالى عليه وسلم من غزوات المشركين وجهاد الكافرين ما هو مشهور ومذكور في سيرة ابن هشام وغيرهما من كتب المبعث ، مما لا يحتمل بسطه بهذا المختصر ، وقام بينهم صلى الله تعالى عليه وسلم حتى توفي بالمدينة ، وهي دار الأوس والخزرج ، وهم أكثر الناس بها عددا وأعلاهم فيها يدا.
فصل [في البيعة بالخلافة لأبي بكر الصديق]
فلما توفي رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أصاب الناس ما أصابهم من الفزع ، وبقي العقلاء منهم يفكرون في أمر الخلافة ، وكانت بنو هاشم ترى أنها لا تنازع في هذا (٧٩) المقام حتى إن العباس بن عبد المطلب (٨٠) قال لعلي بن
__________________
(٧٨) في الأصل : جزاله.
(٧٩) في الأصل : هذه.
(٨٠) العباس بن عبد المطلب (٥١ ق ه ـ ٣٢ ه) ـ (٥٧٣ ـ ٦٥٣ م) : هو العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف أبو الفضل ، من أكابر قريش في الجاهلية والإسلام ، وجدّ الخلفاء العباسيين ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم في وصفه : «أجود قريش كفا وأوصلها ، هذا بقية آبائي» ، وهو عمه ، وكان محسنا لقومه ، سديد الرأي واسع العقل ، مولعا بإعتاق العبيد ، كارها للرق ، اشترى سبعين عبدا وأعتقهم ، وكانت له سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام (وهي ألا يدع أحدا يسبّ أحدا في المسجد ولا يقول فيه هجرا) ، وشهد بيعة العقبة بصحبة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وكان على دين قومه ، أسلم قبل الهجرة ، وكتم إسلامه وأقام بمكة يكتب إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أخبار المشركين ، ثم هاجر إلى المدينة ، وشهد وقعة حنين ، فكان ممن ثبت حين انهزم الناس ، وشهد فتح مكة ، وعمي في آخر عمره ، وكان إذا مرّ بعمر وعثمان في أيام خلافتهما ترجّلا إجلالا له ، وأحصي ولده في سنة (٢٠٠ ه) فبلغوا (٣٣٠٠٠) وكانت وفاته في المدينة عن عشرة أولاد ذكور سوى الإناث ، وله في كتب الحديث (٣٥) حديثا.