فصل [في كرم طباعهم في السخاء]
وأما كرم طباعهم في السخاء فإن تبّع أسعد أقام بمكة سبعة أيام فنحر سبعين ألف ناقة ، في كل يوم عشرة آلاف ناقة ، وقد ذكرنا ذلك ، وإذا كان هذا مصروف اللحم وهو الإدام ، فما ظنك بمصروف الطعام؟
وقال عبيد بن الأبرص (١٥) في وصف ملوك حمير هذه الأبيات : [الطويل]
رأيت ملوك النّاس في كلّ بلدة |
|
فلم أر في الأملاك أمثال حمير |
ملوك دوام الدهر من وقت جدّهم |
|
وكانوا ملوك الناس من قبل قيصر |
ملوك وأبناء الملوك وسادة |
|
إذا ذكروا فاقوا على كلّ جوهر |
هم سبقوا ملك البريّة كلّهم |
|
بعزّ ومجد فضله غير منكر |
ولما وفدت جذام (١٦) إلى جعاول بن عبدة بن ربيعة بن مالك بن جشم بن حرب بن نهم بن ربيعة بن مالك بن معاوية بن صعب بن دومان بن بكيل الهمداني ، وكان شريفا جوادا فارسا شجاعا شاعرا خطيبا مكينا عند تبع أسعد ، وكان قد استعمله على بكيل ، فوفدوا إليه يسألونه وفدا في حمالات ديات كانت بينهم / وبين إخوتهم من بني عدي بن الحارث بن مرة بن أدد ، وقال لهم : مبلغ ما جئتم تسألوني؟ قالوا : ألفي ناقة وأربع مئة ناقة ، فأعطاهم إياها في موضع واحد ، وقال هذه الأبيات : [الطويل]
__________________
(١٥) عبيد بن الأبرص (... ـ ٢٥ ق ه) ـ (... ـ نحو ٦٠٠ م) : هو عبيد بن الأبرص بن عوف بن جشم الأسدي ، من مضر ، أبو زياد ، شاعر ، من دهاة الجاهلية وحكمائها ، وهو أحد أصحاب الجمهرات المعدودة طبقة ثانية عن المعلقات ، عاصر امرأ القيس ، وله معه مناظرات ومناقضات ، وعمّر طويلا حتى قتله النعمان بن المنذر ، وقد وفد عليه في يوم بؤسه (الأعلام ٤ / ١٨٨).
(١٦) جذام : قبيلة من اليمن ، وجذام هو الصدف بن أسلم بن زيد بن مالك بن زيد بن حضرموت الأكبر. (اللباب في تهذيب الأنساب ١ / ٢٦٥).