وحفر ميمون بن قحطان بن مالك بن عوف بن مالك الخزرجي البئر (٤٠) الذي في الأبطح (٤١) اهتماما بأمر مكة.
فصل [في رحلة تبع وموته فيها ، وتولي ابنه بعده وسيره إلى مكة
ثم كسوته البيت]
قال المؤرخون : وكان تبع المذكور وهو من ذرية حمير بن سبأ الأكبر صاحب همة علية وعزائم قوية ، وكان قد بلغه أن لريح الشمال غاية ينقطع عندها ضوء النهار ، وتكون الظلمة ، فحينئذ جد الطلب ، وعلق الهمة على المسير إلى هنا لك ، فسار حتى بلغ إلى الموضع الذي يكون فيه الليل في الخريف والشتاء وبعض الربيع ثمانية أشهر ليلا مطبقا بلا نهار ، والنهار أربعة أشهر مطبقا بلا ليل في زمان الصيف ، ولا نبات فيه ، ولا يتركب فيه روح ، فأدركته العلة في موضع فيه يسمى وادي الياقوت فمات ، وكان معه ولده صعب بن حسان (٤٢) ، فدفنه هناك ، ورجع إلى اليمن ، ثم ندم حيث لم يحمله ، ويدفنه في اليمن. ثم أنشد هذه الأبيات : [الكامل]
__________________
(٤٠) في معجم البلدان ١ / ٣٠٢ : بئر ميمون : بمكة منسوبة إلى ميمون بن خالد بن عامر بن الحضري ، كذا وجدته بخط الحافظ أبي الفضل بن ناصر على ظهر كتاب ، ووجدت في موضع آخر أن ميمونا صاحب البئر : هو أخو العلاء بن الحضرمي والي البحرين ، حفرها بأعلى مكة في الجاهلية ، وكان ميمون حليفا لحرب بن أمية بن عبد شمس. واسم الحضرمي عبد الله بن عماد ، قال الشاعر :
تأمل خليلي هل ترى قصر صالح |
|
وهل تعرف الأطلال من شعب واضح؟ |
إلى بئر ميمون إلى العيرة التي |
|
بها ازدحم الحجاج بين الأباطح |
فتبين من هذا أن البئر هي بئر ميمون ، ولكن الاختلاف في اسم الذي حفرها.
(٤١) الأبطح : يضاف إلى مكة وإلى منى ، لأن المسافة بينه وبينهما واحدة ، وربما كان إلى منى أقرب وهو المحصّب ، وهو خيف بني كنانة (معجم البلدان ١ / ٧٤).
(٤٢) صعب بن حسان : هو تبع الأصغر صعب بن حسان بن تبان أسعد أبي كرب (تبع) بن قيس (علي كرب) (تبع الأكبر) ابن زيد (تبع الأقرن) ابن عمرو (شمر يرعش) ذي الأذعار بن