بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ) [آل عمران ٣ / ١١٨] ، (وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) [التوبة ٩ / ٣٦](٣٨).
تعصبه لقومه وإخلاصه لهم : ابن الديبع مؤرخ محدث من أهل زبيد ، لا يتلكأ في تسخير نفسه وعلمه وقلمه وتآليفه وتصانيفه وشعره في سبيل اليمن ، وكرامة أبنائه ، ووفائه لهما معا ، فهو حين يصنف مثلا (حدائق الأنوار ومطالع الأسرار في سيرة النبي المختار صلىاللهعليهوسلم) ينتهز الفرصة ليعقد فصلا فيه ، يتحدث عن وفد أهل اليمن على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وفضائل أهلها (٣٩).
كما يقدم للقسم الثاني من كتابه هذا بخطبة في الحثّ على الجهاد في سبيل الله بالأنفس والأموال (٤٠) ، لأن اليمن آنئذ كان يتعرض لهجمات البرتغاليين عليه كما أسلفت.
بل إنه ليتجاوز هذا كثيرا حين يؤلف كتبا واسعة في تاريخ اليمن وفضائلها سآتي على ذكرها خلال الحديث عن كتبه ، إن شاء الله تعالى ، ولا سيما كتابه هذا الذي بين أيدينا (نشر المحاسن اليمنية) ، فهو على الرغم من أنه محدث كبير ، لا يورد الأخبار إلا بعد التحقق من وقوعها ، والتيقن من صحتها عقلا ونقلا ، شأنه في ذلك شأن المحدّثين ، القدامى والمعاصرين ، رضي الله تعالى عنهم أجمعين ، ويثور على المشعوذين والدجالين الذين ظهروا في اليمن ، وما يزالون يظهرون في كل مكان وحين ، ويحرض العلماء وذوي السلطان عليهم.
فهو على الرغم من ذلك كله لا يتقيد بهذا المنهج تقيدا دقيقا حين يأتى على بعض أخبار المتصوفة في اليمن ، أو حين يعود الأمر إلى الإشادة بمحاسن بلاد اليمن أو فضائل أهلها ، والمشهورين منهم ، منذ أقدم العصور إلى عصره الذي يعيش فيه ، فيغض طرفه قليلا ، أو يتغاضى عما لا يعجبه منهم.
__________________
(٣٨) حدائق الأنوار م / ٥٢ و٤٤٣ ـ ٤٤٨
(٣٩) حدائق الأنوار ص ٧١٤ ـ ٧١٦
(٤٠) حدائق الأنوار ص ٤٤٣ ـ ٤٤٨