الثالثة : أنه وعد بني سليمان بإخراج كنوز جاهلية ففتن قلوبهم بذلك أشد الفتنة القوية.
الرابعة : أنه قال : وصلت من مكة بإشارة شريفة قصدي أن أعبد الله تعالى في هذا الجبل.
الخامسة : أنه لما عرض عليه القوت قال : أنا عازم على الصيام / فقالوا له : الصائم يحتاج إلى الفطر. قال : عزمت أن أطوي (٢٣) لله تعالى أربعين يوما بغير طعام.
السادسة : أنه لما مضت مدة الأربعين عرضوا عليه القوت ، فقال : سأزيد نحو عشرين يوما صياما.
السابعة : أنه ذكر لهم أن الجن تحت أمره وطاعته.
الثامنة : أنه كان يقول لهم : اللبن والسمن واللحم حرام أو مكروه ، ولا يباح للآكل إلا ما كان نبات الأرض.
حتى إنه استجلب قلوب الناس بهذا التحيل والتمويه ، وحسنت عقائدهم فيه ، وأقبلت قلوبهم عليه ، وكثرت زيارة الرجال والنساء إليه. فلما تحقق أن قد ملك قلوبهم أظهر فعل كل ذميم منكر تأباه الطبيعة ، وتنكره الشريعة ، فتغيرت منه قلوب الذين عرفوا حاله ، وفهموا أفعاله ، ونسبوه إلى الملام ، ولم يظهروا له ما في قلوبهم من الكلام ، لما تقرر ما في قلوبهم أولا من شهرته ، واعتقاد بركته.
__________________
(٢٣) أطوي : من الطوى ، وهو الجوع. وفي الأصل : يطوي وهو تحريف ، والمراد هنا أنه يواصل الصوم بلا إفطار.