وما جعل الرحمن حجّاب بيته |
|
وقوّامه إلا المضاض (٢٨) من الأول |
فملّكه في سالف الدهر جرهما |
|
وهم خير من زمّ المطايا ومن رحل (٢٩) |
فلما تقضت مدة الملك عنهم |
|
وكل أمور الناس تجري إلى أجل |
أديلت (٣٠) بنو كعب عليهم فأمّروا |
|
فكلّ بنى ملكا تكفّ به الدول |
وكانوا ولاة البيت حقا أزالهم |
|
قصيّ بحيّ من قضاعة فاشتمل |
على ملكهم عند انقضاء أوانه |
|
وأيّ نعيم خالط الدهر لم يزل |
فلما صارت حجابة البيت إلى قصيّ وأولاده بعد موته ولدا بعد ولد ، وطالت مدتها ، تخربت من طول الإقامة ، فوصل أبيّ بن سالم الكلبي (٣١) حتى دخلها ، فلما رآها على تلك الحالة جمع قريشا وقال : بئس ما صنعتم في مجاورة هذا البيت ، أما تعمرونه؟ فقالوا : قعدت بنا الأيام ، فلم نقدر. فقال : أنا أشارككم في بنائه فأشركوني ، فأشركوه في الربع ، فبنى الركن اليماني من البيت واشترط أن ينسب إلى اليمن ، فسمي الركن اليماني فأقام فيه (٣٢) بنو قصي / حتى جاء الله تعالى بالإسلام. فبان لك بما ذكرنا أن ولاة حجابة البيت كلهم قحطانية.
__________________
(٢٨) المضاض : الخالص : ورجل مض الضرب موجعه.
(٢٩) خير من زمّ المطايا ومن رحل : زمّ المطايا أي خطم البعير ، ومن رحل أي حطّ على البعير الرحل.
(٣٠) أديلت : نصرت ، من أدال الله من العدو ، أي جعله ينتصر عليه.
(٣١) أبي بن سالم الكلبي : في (معجم البلدان ٣ / ٦٤) : هو رجل من اليمن ، ذكر ابن قتيبة أنه بنى الركن اليماني من أركان الكعبة ، وأنشد لبعض أهل اليمن :
لنا الركن من بيت الحرام وراثة |
|
بقية ما أبقى أبي بن سالم |
(٣٢) فيه : في الأصل (فيها).