حبران (٤٥) من كبار اليهود اسماهما بنيامين ومحبر ، فلقيه رجال من هذيل فقالوا : أيها الملك ، إن تحت هذا البيت الذي بمكة كنزا فلو هدمته أصبته فنوى ذلك ، وأحس نفسه تضطرب فتضيق ، فشكا ذلك الذي أصابه إلى حبري اليهود ، فقالا : هل نويت في البيت شيئا؟ قال : نعم. قالا : نعم. قالا : تب وانو غيره من الخير. فتاب فرفع الله تعالى عنه ذلك ؛ فأخذ الجماعة الهذليين / الذين أشاروا عليه بذلك فقطع أيديهم وأرجلهم وصلبهم بالأبطح ودخل مكة ونحر فيها وأطعم. وقال هذه الأبيات : [الكامل]
ثم انصرفت أريد مكة عامدا |
|
لخرابها فعل امرئ لم يعبد |
لما أتاني من هذيل أعبد |
|
يتنصحون قبلت قول الأعبد |
قالوا : بمكة بيت ملك وافر |
|
وعقوده من لؤلؤ وزبرجد |
فأردت أمرا حال ربي دونه |
|
والله يدفع عن خراب المسجد |
فرددت ما أمّلت فيه فيهم |
|
وتركتهم مثلا لأهل المشهد |
قلت : ويؤيد هذا القول ما روى في الحديث عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال : «إنما سمي البيت العتيق لأنه أعتق من الجبابرة ، فلم تنله يد جبار قط ، ولم يقدر عليه جبار (٤٦) قط» ورأيت في شرح الكلاعي أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم نهى عن سب تبع أسعد وقال : «إنه كان على الحنيفية» (٤٧).
__________________
(٤٥) في السيرة النبوية لابن هشام ١ / ٢١ : حبران من أحبار اليهود من بني قريظة بن الخزرج بن الصريح بن التوءمان بن السبط بن اليسع بن سعد بن لاوي بن خير بن يعقوب ، وهو إسرائيل بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن صلىاللهعليهوسلم.
(٤٦) رواه الترمذي (تفسير سورة ٢٢ / ٣) بألفاظ مقاربة (الترمذي ١٢ / ١٣٠) ، و (منتخب كنز العمال ٥ / ٣٤٠).
(٤٧) وكذلك ورد في مسند أحمد ٥ / ٣٤٠ قوله صلىاللهعليهوسلم : «لا تسبّوا تبّعا فإنه قد كان أسلم» ، وفي (السيرة النبوية لابن كثير ١ / ٢٣) قوله صلىاللهعليهوسلم : «لا تسبّوا أسعد الحميري فإنه أول من كسا الكعبة».