وفي حديث آخر عنه صلىاللهعليهوآله : «أن اُمّتي يأتون يوم القيامة غرّاً محجّلين» (١).
النوع الثاني : اُمّة الدعوة : وهم الذين بعث اليهم النبيّ صلىاللهعليهوآله من مسلم وكافر ، ومنه قوله صلىاللهعليهوآله : والذي نفس محمّد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الاُمّة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي اُرسلت به إلّا كان من أصحاب النار (٢).
فهؤلاء هم الذين بعث الله إليهم النبيّ في زمان الفترة التي كانوا يعيشون في ظلمة الجهل والضلال غافلين عن أمر المعاد ، وكان الفقر والمرض تسيطران عليهم بحيث دعت بعضم إلى قتل أولادهم والتخلّص منهم خشية إملاق وخوفاً من الإرتزاق عليهم.
قوله عليهالسلام : «وَانْتِقٰاضٍ مِنَ الْمُبْرَمِ» أبرم الحبل : جعله طاقين ثم قتله ، وأبرم الأمر : أحكمه ، والمراد انقض الديانات الإلٰهيّة وأحكامها بالقوانين الشرع المبين.
قوله عليهالسلام : «فجٰاءَهُمْ بِتَصْدِيقِ الَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ» أي جاءهم الرسول مصدّقاً لما قبله ، فيكون التصديق وصفاً لنفس الرسول كقوله تعالى : «وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ» (٣).
ويمكن أن يكون الباء للتعدية فالمعنى أنه أتاهم بكتاب أي بالقرآن فيه تصديق الذي بين يديه ، فيكون المصدق هو الكتاب كما قال الله تعالى «نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ» (٤).
__________________
١ ـ مسند أحمد بن حنبل : ج ٢ ، ص ٤٠٠.
٢ ـ صحيح مسلم : ج ١ ، ص ١٣٤ ، ح ٢٤٠.
٣ ـ البقرة : ١٠١.
٤ ـ آل عمران : ٣.