وجاء في خبر المعراج : أنا المحمود وأنت محمّد شققت إسمك من إسمي فمن وصلك وصلته ، ومن قطعك بتّلته ، أنزل إلى عبادي ، فأخبرهم بكرامتي إيّاك وإني لم أبعث نبيّاً إلاّ جعلت له وزيراً وإنّك رسولي ، وأنّ عليّاً وزيرك (١).
قوله عليهالسلام : «والْمُصْطَفىٰ لِكَرٰائِمِ رِسٰالٰاتِهِ» المصطفىٰ : أي المختار ، ومنه الصفي والصفيّة لما يختاره الرئيس لنفسه من الغنيمة ، أو بمعنى الحبيب المصافي من صافاه الودّ والإخاء ، يقال : هو صفيّ من بين إخواني.
قال إبن الأثير : هو فعيل بمعنى فاعل أو مفعول (٢).
ويحتمل أن يكون المراد بإصطفائه تعالى له صلىاللهعليهوآله جعله صفوة خلقه وعباده ، أي خيرتهم كما قال صلىاللهعليهوآله : إنّ الله إصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل ، وإصطفىٰ من ولد إسماعيل كنانة ، وإصطفىٰ من كنانة قريشاً ، وإصطفىٰ من قريش بني هاشم ، وإصطفاني من بني هاشم (٣).
ولقد شاء لطف الله بعباده ، وقضت إرادته الحكيمة أن يختار أفراداً مخصوصين ومؤهّلين للإتّصال بالألطاف الربّانيّة بعد ان يهيّئهم الله بلطفه ، فيوفّر لهم الإستعداد الروحي ، والتكامل النفسي ، والنضج العقلي ، والسموّ الذاتي ، ليكونوا مؤهلين لحمل الرسالة وتبليغ الأمانة ، وتمثيل الإرادة الربّانيّة على هذه الأرض «اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ» (٤). فالله سبحانه وتعالى إختار نبيّه
__________________
١ ـ المناقب لإبن شهراشوب : ج ١ ، ص ١٧٩.
٢ ـ النهاية لإبن الأثير : ج ٣ ، ص ٤٠.
٣ ـ الطبقات الكبرى : ج ١ ، ص ١٨ ، ومسند أحمد بن حنبل : ج ٤ ، ص ١٠٧.
٤ ـ الحج : ٧٥.