قالوا : فنقول ساحر ، قال : ما هو بساحر ، لقد رأينا السحّار وسحرهم فما بنفثهم ولا عقدهم (١).
قالوا : فما نقول يا أبا عبد شمس؟.
قال : والله إنّ لقوله لحلاوة ، وإن أصله لعذق (٢) وإنّ فرعه لجناة ، وما أنتم بقائلين من هذا شيئاً إلّا عرف أنّه باطل ، وإن أقرب القول فيه لأن تقولوا ساحر ، جاء بقول هو سحر ، يفرّق به بين المرء وأبيه ، وبين المرء وأخيه ، وبين المرء وزوجته ، وبين المرء وعشيرته ، فتفرقوا عنه بذلك (٣).
وفي المناقب : لمّا قالت قريش : إنّه ساحر. علمنا أنّه قد أراهم ما لم يقدروا على مثله ، وقالوا : هذا مجنون. لما هجم منه على شيئ لم يفكّر في عاقبته منهم ، وقالوا : كاهن. لأنه أنبأ بالغائبات ، وقالوا : معلّم. لأنّه قد أنبأهم بما يكتمونه من أسرارهم ، فثبت صدقه من حيث قصدوا تكذيبه (٤).
قوله عليهالسلام : «وَحَمَلَ عَلَى الْمَحَجَّةِ» أي كان هدايته صلىاللهعليهوآله للناس مع الدليل والبرهان.
قوله عليهالسلام : «دٰالًّا عَلَيْهٰا» أي هادياً إليها ، قال تعالى : «وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ» (٥).
قوله عليهالسلام : «وَأَقٰامَ أَعْلٰامَ الْإِهْتِدٰاءِ ، وَمَنٰارَ الضِّيٰاءِ» أي نصب لهم
__________________
١ ـ إشارة إلى ما كان يفعل الساحر بأن يعقد خيطاً ثم ينفث فيه ، ومنه قوله تعالى في سورة الفلق الآية ٤ : «وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ» يعني الساحرات.
٢ ـ العذق : النخلة. شبّهه بالنخلة التي تثبت أصلها ، وقوي وطاب فرعها إذا جنى.
٣ ـ سيرة إبن هشام : ج ١ ، ص ٢٨٨ ـ ٩ / ٢.
٤ ـ المناقب لإبن شهراشوب : ج ١ ، ص ١٢٣.
٥ ـ الأنعام : ١٥٣.