وما كان من أمره وأمر الأنبياء بعده ، وأخبر عن شأن بدأ الخلق ، ولم يخبرنا. بمقدار ذلك فنقف عليه كوقوفنا عندما أخبرنا به ... إلى أن قال : فلا نحصر ما لم يحصره الله عزّوجلّ ، ولا تقبل من اليهود ما أوردته ، لنطق القرآن «يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ» (١) «لَيَكْتُمُونَ الْحقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ» (٢) ونفيهم النبوّات وجحدهم ما أتوا به من الآيات ممّا أظهره الله عزّوجلّ على يدي عيسى بن مريم من المعجزات ، وعلى يدي نبيّنا محمّد صلىاللهعليهوآله من البراهين الباهرات والدلائل والعلامات. (٣)
قوله عليهالسلام : «وَأَقْبَلَ مِنَ الْاٰخِرَةِ الْإِطِّلٰاعُ» أي الإشراف. وفي النهاية لإبن الأثير المطّلع : مكان الإطلاع من موضع عالٍ. يقال : مطّلع هذا الجبل من مكان كذا : أي مأتاه ومصعده ومنه حديث عمر «لو أنّ لي ما في الأرض جميعاً لا فتديت به من هول المطّلع» يريد به الموقف يوم القيامة ، أوما يشرف عليه من أمر الآخرة عقيب الموت فشبّهه بالمطّلع الذي يشرف عليه من موضع عال (٤).
ويشهد لما قاله عليهالسلام : من دنّوا إطلاع الآخرة قوله تعالى : «اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ» (٥) وقوله تعالى : «اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ» (٦).
قوله عليهالسلام : «وَأَظْلَمَتْ بَهْجَتُهٰا بَعْدَ إِشْرٰاقٍ» اَلبهْجَةُ : الحُسن. يقال : رجل ذوبَهْجَةٍ قاله الجوهري (٧). والمراد بعد ما كانت الدنيا مبتهجة
__________________
١ ـ النساء : ٤٦.
٢ ـ البقرة : ١٤٦.
٣ ـ مروج الذهب : ج ٢ ، ص ٢٧٩.
٤ ـ النهاية لإبن الأثير : ج ٣ ، ص ١٣٢ ـ ١٣٣.
٥ ـ القمر : ١.
٦ ـ الأنبياء : ١.
٧ ـ الصحاح : ج ١ ، ص ٣٠٠ ، مادة «بهج».