المنّة على عبادة : «وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا» (١).
وفي الخبر قال النبيّ صلىاللهعليهوآله : المسلمون تتكافأ دماؤهم ، وهم يد على يد من سواهم يسعى بذمّتهم أدناهم ، ويردّ على أقصاهم (٢).
قوله عليهالسلام : «أَلَّفَ بِهِ إِخْوٰاناً» أي آخى بين المهاجرين بعضهم لبعض ، وآخى بين المهاجرين والأنصار كما آخىٰ صلىاللهعليهوآله بينه وبين علي بن أبي طالب عليهالسلام.
قوله عليهالسلام : «وَفَرَّقَ بِهِ أَقْرٰاناً» بواسطة مخالفتهم في الدين كما قطع بين حمزة وأبي لهب. ولقد جمع الوليد بن المغيرة قريشاً وقال : إنّ النّاس يأتوكم أيّام الحج فيسألونكم عن محمّد صلىاللهعليهوآله فتختلف أقوالكم فيه فماذا تقولون لهم؟ فقام أبوجهل ، وقال : أنا أقول : إنّه مجنون ، وقال أبولهب : أنا أقول : إنّه شاعر ، وقال عقبة بن أبي معط : أنا أقول : إنّه كاهن ، فقال الوليد : وأنا أقول : إنّه ساحر لأنّه يفرّق بين المرء وأخيه وزوجته وبنيه (٣).
قوله عليهالسلام : «أَعَزَّ بِهِ الذِّلَّةَ ، وَأَذَلَّ بِهِ الْعِزَّةَ» فكم من أذلّاء صاروا بالإيمان به أعزّاء كسلمان الفارسي ، وكم من جبابرة أعزّاء صاروا بالكفر به أذّلاء كأبي لهب وأمثالهم.
قوله عليهالسلام : «كلٰامُهُ بَيٰانٌ»كلامه بيان للأحكام ، وأنّ ما يقول لا يكون من تلقاء نفسه ، بل إنّما هو وحي يوحى إليه كما قال تعالى : «وَمَا يَنطِقُ
__________________
١ ـ آل عمران : ١٠٣. ٢
٢ ـ سنن إبن ماجة : ج ٢ ، ص ٨٩٥ ، ح ٢٦٨٣.
٣ ـ الكامل في التاريخ : ج ٢ ، ص ٧١.