الليالي عند أبي طالب لحراسة النبي صلىاللهعليهوسلم من قومه ، فإني يوم من الأيام جالس بالقرب من منزل أبي طالب في الظهيرة وشدة الحر ، إذ خرج أبو طالب شبيها بالملهوف فقال لي : يا أبا العصيفر (١) ، هل رأيت هذين الغلامين فقد ارتبت بإبطائهما علي ، فقلت : ما حسست لهما خبرا منذ جلست ، فقال : انهض بنا فنهضت وإذا جعفر بن أبي طالب يتلو أبا طالب ، قال : فاقتصصنا الأثر حتى خرج بنا من أبيات مكة ، قال : ثم علونا جبلا من جبالها ، فأشرفنا منه على أكمة دون ذلك التل ، فرأيت النبي صلىاللهعليهوسلم وعليا قائما عن يمينه ، ورأيتهما يركعان ويسجدان قبل أن أعرف الركوع والسجود ، ثم انتصبا قائمين فقال أبو طالب لجعفر : أي نبي ، صلّ جناح ابن عمّك ، قال : فمضى جعفر مسرعا حتى وقف بجنب علي. فلما أحس به النبي صلىاللهعليهوسلم أخّرهما وتقدم ، وأقمنا موضعنا حتى انقضى ما كانوا فيه من صلاتهم ، ثم التفتّ إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فرآنا بالموضع الذي كنا فيه ، فنهض ونهضنا معه مقبلين ، فرأينا السرور يتردد في وجه أبي طالب ثم انبعث يقول :
إن عليا وجعفرا ثقتي |
|
عند مهمّ الأمور والكرب |
لا تخذلا وانصرا ابن عمّكما |
|
وابن أمّي من بينهم وأبي |
والله لا أخذل النبيّ ولا |
|
يخذله من بني ذو حسب |
قال : فلما آمنت به ودخلت في الإسلام ، سألت النبي صلىاللهعليهوسلم عن تيك الصلاة فقال : «نعم ، يا صلصال هي أول جماعة كانت في الإسلام» [١٤١٢٢].
وعن ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لجعفر بن أبي طالب :
«إن الله تعالى أوحى إليّ أنه شكرك على أربع خصال ، كنت عليهن مقيما قبل أن يبعثني الله ، فما هن؟» قال له جعفر : بأبي أنت وأمي ، لو لا أن الله أنبأك بهن ما أنبأتك عن نفسي كراهية التزكية ، إنّي كرهت عبادة الأوثان لأني رأيتها لا تضرّ ولا تنفع ، وكرهت الزّناء لأني رأيتها [....] أن [....](٢) إلي ، وكرهت شرب الخمر لأني رأيتها منقصة للعقل ، وكنت إلى أن أزيد في عقلي أحب إلي من أن أنقصه ، وكرهت الكذب لأني رأيته دناءة.
وعن محمد بن علي قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم :
__________________
(١) كذا وردت كنيته في مختصر ابن منظور ، وهي في أسد الغابة ٢ / ٤١٥ والإصابة ٢ / ١٩٣ أبو الغضنفر.
(٢) كلمتان غير واضحتين في أصل مختصر ابن منظور ، وقد أشير على هامش الأصل بحرف ط.