غارت زمزم ليلة من الليالي ، فأرخناها فجاءنا الخبر أنها كانت الليلة التي قتل فيها جعفر المتوكل.
كان يزيد بن محمد المهلبي من ندماء المتوكل ، فلما قتل قال يزيد :
لما اعتقدتم أناسا لا حفاظ لهم |
|
ضعتم وضيّعتم ما كان يعتقد |
ولو جعلتم على الأحرار نعمتكم |
|
حمتكم الذّادة المنسوبة الحسد |
قوم هم الجذم والأرحام تجمعكم |
|
والمجد والدين والإسلام والبلد |
إنّ العبيد إذا ذلّلتهم صلحوا |
|
على الهوان وإن أكرمتهم فسدوا |
ما عند عبد لمن يرجوه محتمل |
|
ولا على العبد عند الخوف معتمد |
فاجعل عبيدك أوتادا تشحجها |
|
لا يثبت البيت حتى يثبت الوتد |
[في سنة أربع وثلاثين [ومائتين] استقدم [المتوكل] المحدثين إلى سامرا وأجزل عطاياهم وأكرمهم ، وأمرهم أن يحدثوا بأحاديث الصفات والرؤية .. وتوفر دعاء الخلق للمتوكل وبالغوا في الثناء عليه والتعظيم له.
وفي سنة خمس وثلاثين [ومائتين] ألزم المتوكل النصارى بلبس الغل (١).
وفي سنة ست وثلاثين أمر بهدم قبر الحسين ، وهدم ما حوله من الدور وأن يعمل مزارع ، ومنع الناس من زيارته ، وخرّب ، وبقي صحراء. وكان المتوكل معروفا بالتعصب ، فتألم المسلمون من ذلك. وكتب أهل بغداد شتمه على الحيطان والمساجد ، وهجاء الشعراء.
وفي سنة سبع وثلاثين بعث إلى نائب مصر أن يحلق لحية قاضي القضاة أبي بكر محمد ابن الليث وأن يضربه ، ويطوف به على حمار ، ففعل.
قال بعضهم : سلم على المتوكل بالخلافة ثمانية كل واحد منهم أبوه خليفة : منصور بن المهدي ، والعباس بن الهادي ، وأبو أحمد بن الرشيد ، وعبد الله بن الأمين ، وموسى بن المأمون ، وأحمد بن المعتصم ، ومحمد بن الواثق ، وابنه المنتصر](٢).
__________________
(١) كذا في تاريخ الخلفاء ، وفي سير الأعلام : العسلي ، وفي الكامل لابن الأثير : بلبس الطيالسة العسلية. وشد الزنانير ، وركوب السروج بالركب الخشب وعمل كرتين في مؤخر السروج. (الكامل لابن الأثير ٧ / ٥٢ وانظر البداية والنهاية ٧ / ٣٢٥).
(٢) ما بين معكوفتين زيادة من تاريخ الخلفاء ص ٤٠٦ وما بعدها.