له : ثيابي لا تصلح على الأمير ، وهذه عشرة تخوت (١) ، ومهري لين الركوب ، ينصرف الأمير عليه ، فانصرف وذلك بين يديه ، فوجد السفط في بيته ومعه ألف ألف درهم قد وصله بها جعفر.
قال مهذب : فما بات وعليه درهم واحد ، فقال لي : نبكّر غدا على الرجل شاكرين له ، فبكّرنا فقيل لنا : هو عند أخيه الفضل ، فجئنا إلى دار الفضل فقالوا : هما في دار أمير المؤمنين ، فصرنا إلى دار أمير المؤمنين ، فدخل مولاي فوجدهما في الصحن لم يؤذن لهما ، فقال له جعفر : حدثت أخي بقصتك فأمر أن يحمل لك خازنك ألف ألف درهم ، وما أشك أنها في دارك ، ونحن نكلم أمير المؤمنين أعز الله نصره الساعة في أمرك ، فدخلا إلى الخليفة فأمر له بثلاث مائة ألف دينار ، فلم يكن في بيت المال منها حاضر إلا مائتي ألف دينار فدفعت إليه ، وقيل له اختر أين نسيب لك بهذا المال؟ قال : إلى مصر ، فما كانت إلا أيام حتى أنت السفائح (٢) من مصر.
قال إبراهيم الموصلي (٣) :
حج الرشيد ومعه جعفر بن يحيى البرمكي وكنت معهم ، فلما صرنا إلى مدينة الرسول صلىاللهعليهوسلم قال لي جعفر : انظر لي جارية ولا تتق (٤) غاية في حذاقتها بالغناء والضرب ، والكمال في الظرف والأدب ، وجنبني قولهم صفراء. قال : فأرشدت إلى جارية لرجل فدخلت عليه ، فرأيت رسوم النعمة ، وأخرجها إلي فلم أر أجمل منها ولا أصبح ولا آدب. قال : ثم تغنت لي أصواتا فأجادتها. قال : فقلت لصاحبها : قل ما شئت. قال : أقول لك قولا لا أنقص منه درهما. قلت : قل. قال : أربعين ألف دينار. قلت : قد أخذتها وأشترط عليك نظرة. قال : ذلك لك. قال : فأتيت جعفر بن يحيى فقلت : قد أصبت حاجتك ، على غاية الكمال ، والظرف ، والأدب ، والجمال ، ونقاء اللون ، وجودة الضرب ، والغناء ، وقد
__________________
(١) تخوت واحدها تخت ، وهو وعاء تصان فيه الثياب.
(٢) السفائح جمع سفيح ، وهو الكساء الغليظ (اللسان).
(٣) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٧ / ١٥٤ من طريق أبي القاسم الأزهري حدثنا محمد بن العباس الخزاز حدثنا محمد بن خلف بن المرزبان حدثنا أبو يعقوب النخعي ، حدثنا علي بن زيد ـ كاتب العباس بن المأمون ـ حدثني إسحاق بن إبراهيم الموصلي حدثني أبي ، فذكره. وانظر البداية ٧ / ١٨٨ وسير الأعلام ٩ / ٦٢.
(٤) تاريخ بغداد : تبقى.